130

Tabaic Istibdad

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

Publisher

المطبعة العصرية

Edition Number

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

Publisher Location

حلب

"يا قوم: وقاكم الله من الشر، أنتم بعيدون عن مفاخر الإبداع وشرف القدوة، مُبتلون بداء التقليد والتبعية في كلِّ فكرٍ وعمل، وبداء الحرص على كلِّ عتيق كأنَّكم خُلِقتم للماضي لا للحاضر: تشكون حاضركم وتسخطون عليه، ومن لي أن تدركوا أنَّ حاضركم نتيجة ماضيكم، ومع ذلك أراكم تقلِّدون أجدادكم في الوساوس والخرافات والأمور السافلات فقط، ولا تقلِّدونهم في محامدهم! أين الدين؟ أين التربية؟ أين الإحساس؟ أين الغيرة؟ أين الجسارة؟ أين الثبات؟ أين الرابطة؟ أين المنعة؟ أين الشهامة؟ أين النخوة؟ أين الفضيلة؟ أين المواساة؟ هل تسمعون؟ أم أنتم صُمٌّ لاهون؟ " يا قومُ: عافاكم الله، إلى متى هذا النوم؟ وإلى متى هذا التقلُّب على فراش البأس ووسادة اليأس؟ أنتم مفتَّحةٌ عيونكم ولكنكم نيام، لكم أبصار ولكنكم لا تنظرون، وهكذا لا تعمى الأبصار، ولكنْ؛ تعمى القلوب التي في الصّدور! لكم سمعٌ ولسانٌ ولكنكم صُمٌّ بُكمٌ، ولكم شبيه الحسِّ ولكنكم لا تشعرون به ما هي اللذائذ حقًا وما هي الآلام، ولكم رؤوسٌ كبيرة ولكنها مشغولة بمزعجات الأوهام والأحلام، ولكم نفوسٌ حقُّها أن تكون عزيزة، ولكنْ؛ أنتم لا تعرفون لها قدرًا ومقامًا". "يا قومُ: قاتل الله الغباوة، فإنها تملأ القلوب رعبًا من لا شيء، وخوفًا من كلِّ شيء، وتفعم الرؤوس تشويشًا وسخافة. أليست هي الغباوة جعلتكم كأنكم قد مسَّكم الشيطان، فتخافون من ظلِّكم وترهبون من قوتكم، وتجيّشون منكم عليكم جيوشًا ليقتل بعضكم بعضًا؟ تترامون على الموت خوف الموت،

1 / 140