Taʾwīl mukhtalif al-ḥadīth
تأويل مختلف الحديث
Publisher
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Edition Number
الطبعة الثانية
Publication Year
1419 AH
Genres
ʿUlūm al-ḥadīth
وَتَأْويل هَذَا، عندنَا، مُبين بِمَعْرِفَةِ الْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ فِيهِ.
وَجُمْلَتُهُ -على مَا ذكر بن عَبَّاسٍ- أَنَّ سُلَيْمَانَ ﷺ، لَمَّا عُوقِبَ، وَخَلَفَهُ الشَّيْطَانُ فِي مُلْكِهِ، دَفَنَتِ الشَّيَاطِينُ فِي خِزَانَتِهِ، وَمَوْضِعِ مُصَلَّاهُ، سِحْرًا وأخذًا١ ونيرنجات٢.
فَمَا مَاتَ سُلَيْمَانُ ﷺ، جَاءَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: أَلَا نَدُلُّكُمْ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي سُخِّرَتْ بِهِ لِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ وَالْجِنُّ، وَدَانَتْ لَهُ بِهِ الْإِنْسُ؟ قَالُوا: بَلَى. فَأَتَوْا مُصَلَّاهُ، وَمَوْضِعَ كُرْسِيِّهِ، فَاسْتَخْرَجُوا ذَلِكَ مِنْهُ.
فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: "مَا هَذَا مِنْ دِينِ اللَّهِ، وَمَا كَانَ سُلَيْمَانُ سَاحِرًا".
وَقَالَ سَفَلَةُ النَّاسِ: "سُلَيْمَانُ كَانَ أَعْلَمَ مِنَّا، فَسَنَعْمَلُ بِهَذَا، كَمَا عَمِلَ".
فَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ ٣ أَيْ اتَّبَعَتِ الْيَهُودُ، مَا تَرْوِيهِ الشَّيَاطِينُ.
وَالتِّلَاوَةُ وَالرِّوَايَةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ.
ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ ٤ وَهُمَا مَلَكَانِ أُهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ، حِينَ عَمِلَ بَنُو آدَمَ بِالْمَعَاصِي لِيَقْضِيَا بَيْنَ النَّاسِ، وَأُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمَا شَهْوَةُ النِّسَاءِ، وَأُمِرَا أَنْ لَا يَزْنِيَا، وَلَا يَقْتُلَا، وَلَا يَشْرَبَا خَمْرًا فَجَاءَتْهُمَا الزُّهَرَةُ٥ تُخَاصِمُ إِلَيْهِمَا، فَأَعْجَبَتْهُمَا فَأَرَادَاهَا، فَأَبَتْ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُعَلِّمَاهَا الِاسْمَ الَّذِي يَصْعَدَانِ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَعَلَّمَاهَا، ثُمَّ أَرَادَاهَا، فَأَبت حَتَّى يشربا الْخمر، فشرباها،
١ الأخذة: خرزة يُؤْخَذ بهَا، أَو رقية كالسحر. "الْقَامُوس الْمُحِيط ص ٤٢١".
٢ نيرنجات: جمع نيرنج، والنيرنج: أَخذ كالسحر وَلَيْسَ بِهِ.
٣ سُورَة الْبَقَرَة: الْآيَة ١٠٢.
٤ سُورَة الْبَقَرَة: الْآيَة ١٠٢.
٥ الزهرة: نجم مَعْرُوف فِي السَّمَاء.
1 / 266