246

Taʾwīl mukhtalif al-ḥadīth

تأويل مختلف الحديث

Publisher

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Edition Number

الطبعة الثانية

Publication Year

1419 AH

قَالُوا: حَدِيثٌ تُكَذِّبُهُ حُجَّةُ الْعَقْلِ وَالنَّظَرِ
٤٠- هَلْ سُحِرَ النَّبِيُّ ﷺ؟:
قَالُوا: "رُوِّيتُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُحِرَ، وَجُعِلَ سِحْرُهُ فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ١ وَأَنَّ عَلِيَّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ اسْتَخْرَجَهُ، وَكُلَّمَا حَلَّ مِنْهُ عُقْدَةً، وَجَدَ النَّبِيَّ ﷺ خِفَّةً، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ، كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ"٢.
وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ، لِأَنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ، وَعَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الشَّيْطَانِ فِيمَا يَذْكُرُونَ.
فَكَيْفَ يَصِلُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، مَعَ حِيَاطَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَتَسْدِيدِهِ إِيَّاهُ بِمَلَائِكَتِهِ، وَصَوْنِهِ الْوَحْيَ عَنِ الشَّيْطَانِ؟ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ﴾ ٣.
وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَن الْبَاطِل هَهُنَا هُوَ الشَّيْطَانُ.
وَقَالَ: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾ ٤ أَيْ: يَجْعَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَلْفَهُ رَصَدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَحْفَظُونَهُ، وَيَصُونُونَ الْوَحْيَ، عَنْ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ الشَّيْطَانُ مَا لَيْسَ مِنْهُ.

١ بِئْر ذِي أروان: بِئْر فِي الْمَدِينَة.
٢ البُخَارِيّ: بَدْء الْخلق ١١، جِزْيَة ١٤ ٤٩، ٥٠، دعوات ٥٨، أَحْمد: ٦/ ٥٠، ٩٦.
٣ سُورَة فصلت: الْآيَة ٤٦.
٤ سُورَة الْجِنّ: الْآيَة ٢٧.

1 / 260