The Interpretation of Hadith
تأويل مختلف الحديث
Publisher
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Edition Number
الطبعة الثانية
Publication Year
1419 AH
Genres
Hadith Studies
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَنَا أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ﵇ " تَوَاضُعًا مِنْهُ، وَتَقْدِيمًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَى نَفْسِهِ.
يُرِيدُ: أَنَّا لَمْ نَشُكُّ، وَنَحْنُ دُونَهُ، فَكَيْفَ يَشُكُّ هُوَ؟
وَتَأْوِيلُ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ ﵇: ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ .
أَيْ: يَطْمَئِنَّ بِيَقِينِ النَّظَرِ -وَالْيَقِينُ جِنْسَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَقِينُ السَّمْعِ، وَالْآخَرُ يَقِينُ الْبَصَرِ.
وَيَقِينُ الْبَصَرِ أَعْلَى الْيَقِينَيْنِ، وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَيْسَ المخبَر كَالْمُعَايِنِ" ١ حِينَ ذَكَرَ قَوْمَ مُوسَى وَعُكُوفَهُمْ عَلَى الْعِجْلِ.
قَالَ: أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ قَوْمَهُ عَبَدُوا الْعِجْلَ، فَلَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ، فَلَمَّا عَايَنَهُمْ عَاكِفِينَ، غَضِبَ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ، حَتَّى انْكَسَرَتْ.
وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْقِيَامَةِ، وَالْبَعْثِ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، مُسْتَيْقِنُونَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حَقٌّ، وَهُمْ فِي الْقِيَامَةِ -عِنْدَ النَّظَرِ وَالْعَيَانِ- أَعْلَى يَقِينًا.
فَأَرَادَ إِبْرَاهِيمُ، ﵇، أَنْ يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِالنَّظَرِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى الْيَقِينَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "رَحِمَ اللَّهُ لُوطًا إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ" فَإِنَّهُ أَرَادَ قَوْلَهُ لِقَوْمِهِ ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ٢ يُرِيدُ: سَهْوَهُ٣ فِي هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي ضَاقَ فِيهِ صَدْرُهُ، وَاشْتَدَّ جَزَعُهُ، بِمَا دَهَمَهُ مِنْ قَوْمِهِ، حَتَّى قَالَ: ﴿أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ وَهُوَ يَأْوِي إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَشَدِّ الْأَركان.
١ الْمَقَاصِد ٣٥١، والتمييز: ١٣٥، والكشف ٢/ ١٦٨، وصحيح الْجَامِع: ٥/ ٨٧ والدرر برقم ٣٥٢، والتدريب ٣٧٠ والْحَدِيث بِلَفْظ: "لَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة ". ٢ سُورَة هود: الْآيَة ٨٠. ٣ أَي: هُوَ لوط ﵇.
1 / 160