Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition Number
الأولى
Genres
كَانَتْ هَذِهِ بِدَايَةَ قِصّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَعَ الإِسْلَامِ ...
إِذْ لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ المُبَارَكُ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ إِلَّا الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
فَقَدْ نَفَرَا(١) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى شِعَابِ مَكَّةَ، لِفَرْطِ مَا أَرْهَقَتْهُمَا(٢) قُرَيْشٌ، وَلِشِدَّةِ مَا أَنْزَلَتْ بِهِمَا مِنْ بَلَاءٍ.
***
وَكَمَا أَحَبَّ الغُلَامُ الرَّسُولَ الكَرِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَصَاحِبَهُ، وَتَعَلَّقَ بِهِمَا، فَقَدْ أُعْجِبَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ بِالْغُلَامِ وَأَكْبَرَا أَمَانَتَهُ وَحَزْمَهُ؛ وَتَوَسَّمَا(٣) فِيهِ الخَيْرَ.
***
لَمْ يَمْضِ غَيْرُ قَلِيلٍ حَتَّى أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ لِيَخْدِمَهُ؛ فَوَضَعَهُ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي خِدْمَتِهِ.
وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ انْتَقَلَ الغُلَامُ المَحْظُوظُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ رِعَايَةِ الغَنَمِ إِلَى خِدْمَةِ سَيِّدِ الخَلْقِ وَالأُمَمِ.
***
لَزِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مُلَازَمَةَ الظِّلِّ لِصَاحِبِهِ، فَكَانَ يُرَافِقُهُ فِي حِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ، وَيُصَاحِبُهُ دَاخِلَ بَيْتِهِ وَخَارِجَهُ ...
إِذْ كَانَ يُوقِظُهُ إِذَا نَامَ، وَيَسْتُرُهُ إِذَا اغْتَسَلَ، وَيُلْبِسُهُ نَعْلَيْهِ إِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ، وَيَخْلَعُهُمَا مِنْ قَدَمَيْهِ إِذَا هَمَّ بِالدُّخُولِ، وَيَحْمِلُ لَهُ عَصَاهُ وَسِوَاكَهُ، وَيَلِجُ الحُجْرَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا أَوَى إِلَى مَضْجَعِهِ ....
(١) نفرًا: خرجا.
(٢) أرهقتهما: آذتهما وأتعبتهما.
(٣) توسما فيه الخير: تفرسا فيه الخير وترقباه منه.
101