95

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ

أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا نَزَلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ))

[مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ]

كَانَ يَوْمَئِذٍ غُلَاماً يَافِعاً لَمْ يُجَاوِزِ الحُلُمَ، وَكَانَ يَسْرَحُ فِي شِعَابِ(١) مَكَّةَ بَعِيداً عَنِ النَّاسِ، وَمَعَهُ غَنَمٌ يَرْعَاهَا لِسَيِّدٍ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ هُوَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ(٢).

كَانَ النَّاسُ يُنَادُونَهُ: «ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ» أَمَّا اسْمُهُ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَمَّا اسْمُ أَبِيهِ فَمَسْعُودٌ.

***

كَانَ الْغُلَامُ يَسْمَعُ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي ظَهَرَ فِي قَوْمِهِ فَلَا يَأْبَهُ(٣) لَهَا لِصِغَرِ سِنِّهِ مِنْ جِهَةٍ، وَلِبُعْدِهِ عَنِ الْمُجْتَمَعِ الْمَكِّيِّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَقَدْ دَأَبَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِغَنَمِ عُقْبَةَ مُنْذُ الْبُكُورِ ثُمَّ لَا يَعُودُ بِهَا إِلَّا إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ.

***

وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ أَبْصَرَ الْغُلَامُ الْمَكِّيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ كَهْلَيْنِ عَلَيْهِمَا الْوَقَارُ يَتَجَاهَانِ نَحْوَهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَقَدْ أَخَذَ الْجُهْدُ مِنْهُمَا كُلَّ مَأْخَذٍ(٤)، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمَا الظَّمَأُ حَتَّى جَفَّتْ مِنْهُمَا الشِّفَاهُ وَالْحُلُوقُ.

(١) شعاب: جمع شِعْب وهو الطريق في الجبل.

(٢) هو عقبة بن أبي معيط بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس من كبار قريش في الجاهلية كنيته أبو الوليد وكنية أبيه أبو معيط وبها اشتهر، كان شديد الأذى للرسول ﷺ والمسلمين قُتِل بعد بدر.

(٣) لا يأبه لها: لا يهتم بها.

(٤) أخذ الجهد منهما كل مأخذ: أصابهما التعب الشديد.

99