139

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

أبو ذر الغفارى

جندب بن جنادة

((مَا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقُ مِنْ أَبِي ذَرِّ)) [ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ]

فِي وَادِي (( وَدَّانَ)) الَّذِي يَصِلُ مَكّةً بِالْعَالَمِ الخَارِجِيِّ كَانَتْ تَنْزِلُ قَبِيلَةُ ((غِفَارٍ)) .

وَكَانَتْ ((غِفَارٌ)) تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ النَّزْرِ الْيَسِيرِ(١) الَّذِي تَبْذُلُّهُ لَهَا القَوَافِلُ الَّتِي تَسْعَى بِتِجَارَةِ قُرَيْشٍ ذَاهِبَةً إِلَى بِلَادِ الشَّامِ أَوْ آيَةٌ(٢) مِنْهَا .

وَرُبَّمَا عَاشَتْ مِنْ قَطْعِ الطّرِيقِ عَلَى هَذِهِ القَوَافِلِ إِذَا هِيَ لَمْ تُعْطِهَا مَا يُرْضِيهَا .

وَكَانَ (( جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةٍ)) المُكَنَّى بِأَبِي ذَرِّ وَاحِداً مِنْ أَبْنَاءِ هَذِهِ القَبِيلَةِ ، لَكِنَّهُ كَانَ يَمْتَازُ مِنْهُمْ بِجُرْأَةِ الْقَلْبِ، وَرَجَاحَةِ الْعَقْلِ، وَبُعْدِ النَّظَرِ ...

وَبَأَنَّهُ كَانَ يَضِيقُ أَشَدَّ الضّيقِ بِهَذِهِ الأَوْثَانِ الَّتِي يَعْبُدُهَا قَوْمُهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ .

وَيَسْتَنْكِرُ مَا وَجَدَ عَلَيْهِ العَرَبَ مِنْ فَسَادِ الدِّينِ، وَتَفَاهَةِ المُعْتَقَدِ.

وَيَتَطَلَّعُ إِلَى ظُهُورِ نَبِيٍّ جَدِيدٍ يَمْلَأُ عَلَى النَّاسِ عُقُولَهُمْ وَأَفْئِدَتَهُمْ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ.

***

(١) النزر اليسير: الشيء القليل.

(٢) آية منها : راجعة منها .

143