Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition Number
الأولى
Genres
عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَضَاقَ ذَرْعاً(١) بِالحِصَارِ، فَنَظَرَ إِلَى مَكَانٍ ضَيِّقٍ مِنَ الخَنْدَقِ، وَأَقْحَمَ(٢) جَوَادَهُ فِيهِ فَاجْتَازَهُ، ثُمَّ اجْتَازَهُ وَرَاءَهُ بَضْعَةُ نَفَرٍ فِي أَجْرَإِ مُغَامَرَةٍ ذَهَبَ ضَحِيَّتَهَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدِّ الْعَامِرِيُّ(٣) ...
أَمَّا هُوَ فَلَمْ يَتَجِهِ إِلَّا الفِرَارُ.
***
وَفِي يَوْمِ الْفَتْحِ رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنْ لَا قِبَلَ لَهَا بِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَزْمَعَتْ(٤) عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ لَهُ السَّبِيلَ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ أَعَانَهَا عَلَى اتِّخَاذِ قَرَارِهَا هَذَا مَا عَرَفَتْهُ مِنْ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ قُوَّادَهُ أَلَّا يُقَاتِلُوا إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.
***
لَكِنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ وَفِرَاقَةً مَعَهُ خَرَجُوا عَلَى إِجْمَاعِ قُرَيْشٍ، وَتَصَدَّوْا لِلْجَيْشِ الكَبِيرِ، فَهَزَمَهُمْ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ فِي مَعْرَكَةٍ صَغِيرَةٍ قُتِلَ فِيهَا مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وَلَاذَ بِالفِرَارِ مَنْ أَمْكَنَهُ الفِرَارُ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الفَارِّينَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ.
***
عِنْدَ ذَلِكَ أُسْقِطَ(٥) فِي يَدِ عِكْرِمَةَ ...
فَمَكَّةُ نَبَتْ(٦) بِهِ بَعْدَ أَنْ خَضَعَتْ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَالرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَفَا عَمَّا سَلَفَ مِنْ قُرَيْشٍ تِجَاهَهُ ...
لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهُمْ نَفْرًا سَمَّاهُمْ، وَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَإِنْ وُجِدُوا تَحْتَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ.
(١) ضاق ذرعاً بالحصار: لم يستطع الصبر عَلَيْهِ وأصابه منه ضيق.
(٢) أقحم جواده: أُدخله بعنف.
(٣) عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدِّ الْعَامِرِيُّ القُرَشِيُّ: من الفرسان المشهورين في الجاهلية، وبعد أن اقتحم الخندق بارزه عليّ بن أبي طالب وقتله.
(٤) أزمعت: قررت.
(٥) أُسقط في يد عكرمة: تحير وندم.
(٦) نبت به: لم يبق له فيها قرار.
120