Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition Number
الأولى
Genres
لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَأَلْقَوْهَا فِي (١) ((القَلِيبِ)) مَعَ العَشَرَاتِ مِنْ قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ، وَأَهَالُوا عَلَيْهَا الرّمّالَ.
***
وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَصْبَحَ لِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ مَعَ الإِسْلَامِ شَأْنٌ آخَرُ ...
فَقَدْ كَانَ يُعَادِيهِ فِي بَادِيَ الأَمْرِ حَمِيَّةً لِأَبِيهِ؛ فَأَصْبَحَ يُعَادِيهِ الْيَوْمَ ثَأْراً لَهُ.
وَمِنْ هُنَا انْبَرَى عِكْرِمَةُ وَنَفَرٌ مِمَّنْ قُتِلَ آبَاؤُهُمْ فِي ((بَدْرٍ))، يُؤَرِّثُونَ(٢) نَارَ العَدَاوَةِ فِي صُدُورِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَيُضْرِمُونَ جَذْوَةَ(٣) الثَّأْرِ فِي قُلُوبِ المَوْتُورِينَ(٤) مِنْ قُرَيْشٍ، حَتَّى كَانَتْ وَقْعَةُ ((أُحُدٍ)).
***
خَرَجَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ إِلَى ((أُحُدٍ))، وَأَخْرَجَ مَعَهُ زَوْجَتَهُ أُمُّ حَكِيمٍ لِتَكُونَ مَعَ النِّسْوَةِ المَوْتُورَاتِ فِي ((بَدْرٍ)) وَرَاءَ الصُّفُوفِ، وَتَضْرِبُ مَعَهُنَّ عَلَى الدُّفُوفِ تَحْرِيضاً لِقُرَيْشٍ عَلَى القِتَالِ، وَتَثْبِيتاً لِفُرْسَانِهَا إِذَا حَدَّثَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ بِالفِرَارِ.
***
وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مَيْمَنَةِ فُرْسَانِهَا خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِمْ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَأَبْلَى الفَارِسَانِ المُشْرِكَانِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَلَاءً رَجَّحَ كَفَّةَ قُرَيْشٍ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، وَحَقَّقَ لِلْمُشْرِكِينَ النَّصْرَ الكَبِيرَ؛ مِمَّا جَعَلَ أَبَا سُفْيَانَ يَقُولُ:
هَذَا بِيَوْمِ بَدْرٍ.
***
وَفِي يَوْمِ ((الخَنْدَقِ))، حَاصَرَ الْمُشْرِكُونَ المَدِينَةَ أَيَّاماً طَوِيلَةً فَنَفِدَ صَبْرُ
(١) القليب: بئر ألقيت فيها جثث المشركين من قتلى بَذْر.
(٢) يؤرثون: يوقدون.
(٣) الجذوة: الجمرة الملتهبة.
(٤) الموتور: من قُتل له قتيل فلم يأخذ بثأره.
119