وقد أدرك أريستون هزيمته منذ ورد ذكر أفاجون وقال: «ولكن لا ينبغي أن تؤاخذني هكذا حرفيا، لقد عنيت طبعا أن المدينة أحسن إذا كانت أقوى وأقدر على أداء الأشياء، حينما تستطيع أن تؤدي كل ما يعن لها أن تؤديه.»
وقال سقراط معتذرا: «فهمت الآن، إذن دعنا ننظر في هذا كذلك ... ولنبدأ أولا بالسؤال: من ذا تفضل أن يكون زميلا لك، الرجل الشجاع أم الرجل الجبان؟» - الشجاع طبعا. - إذن فالشجاع أحسن من الجبان. - قطعا . - وأين يتميز الشجاع من الجبان؟
فقال أريستون وقد تنبه الآن: «في ساحة الوغى بالتأكيد.» ولكنه لم يستطع أن يدرك إلى أين يؤدي كل ذلك.
وواصل سقراط حديثه قائلا: «أليس في ساحة الوغى كثير من الأشياء التي يستطيع أداءها الجندي عندما يتقدم العدو؟ ألا يستطيع مثلا أن يخر على ركبتيه ويطلب الرأفة، أو يلقي عنه درعه ويعدو في أي اتجاه يشاء؟»
فانفجر أرستون قائلا: «أجل، ولكن الجبان وحده هو الذي يفعل ذلك!»
وقال سقراط: «بالضبط، الجبان وحده، وإذن فكم عملا يؤديه الرجل الشجاع أو يستطيع أن يؤديه باعتباره رجلا شجاعا؟ أليس من الحق أنه لا يستطيع أن يؤدي إلا عملا واحدا، وذلك أن يطيع أوامر ضباطه ويتقدم؟»
فقال أرستون: «حقا.» وقد سار رأسا إلى الفخ، ولم يكن له اتجاه آخر يسير فيه. - إذن فالجبان دون الشجاع في المعركة هو الذي يستطيع أن يؤدي أي عمل يريد.
قال أرستون: «أجل.» - ولكنا قلنا: إن الجبان «أسوأ» والشجاع «أحسن».
فأومأ أستون واعترف بأنه هزم مرة أخرى.
وأنهى سقراط الحديث بقوله: «إذن فإن القدرة على أن «يفعل المرء ما يشاء» ليست دليلا على الحسن، يجب أن نحاول مرة أخرى يا أرستون، فإن هذا المعيار لا يفي!»
Unknown page