Sunnah Purified and Challenges
السنة المطهرة والتحديات
Publisher
مجلة مركز بحوث السُنَّة والسيرة - قطر،العدد الثالث
Publisher Location
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
Genres
وشيوعه فيهم، فقد اشتهروا واستفاض عن الصحابة مَرْفُوعًا إلى النبي ﷺ وَمَوْقُوفًا أي منسوبًا إليهم من كلامهم «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» (١).
وقد نَبَّهْنَا إلى تعدد رواية هذا القول، لأنه يدل على انتشار هذه القاعدة ورسوخها في المجتمع تَقْلِيدًا عِلْمِيًّا، وهويعني أَنَّ الإنسان لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ بما يثق من نفسه أنه يؤديه كما سمعه.
ثَانِيًا: التَثَبُّتُ مِنْ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ تَحَمُّلِهَا وَعِنْدَ أَدَائِهَا:
ومن ذلك أنهم يَسْتَشْهِدُونَ مع الراوي غيره أو يَسْتَحْلِفُونَهُ، تَثَبُّتًا، وَاطْمئْنَانًا ومن ذلك ما ذكره الذَّهَبِيُّ في ترجمة عمر بن الخطاب ﵁ قال: «وَهُوَ الَّذِي سَنَّ لِلْمُحَدِّثِينَ التَّثَبُّتَ فِي النَّقْلِ وَرُبَّمَا كَانَ يتَوَقَّفُ فِي خَبَرِ الوَاحِدِ إِذَا ارْتَابَ رَوَى الجَرِيرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى سَلَّمَ عَلَى عُمَرَ مِنْ وَرَاءِ البَابِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَأرْسَلَ عُمَرُ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ: " لِمَ رَجَعْتَ؟ " قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله ﷺ يَقُولُ: " إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُجَبْ فَلْيَرْجِعْ ".
قَالَ: " لتَأْتِينيِ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَو لأَفْعَلَنَّ بِك "، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى مَمْتَقِعًا لَوْنُهُ وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقُلْنَا: " مَا شَأْنُكَ؟ " فَأخْبرَنَا وَقَالَ: " فَهَلْ سَمِع أَحَدٌ مِنْكُمْ؟ " فَقُلْنَا: " نَعَمْ كُلَّنَا سَمِعَهُ " فَأَرْسَلُوا مَعَهُ رَجُلًا مِنْهُم حَتَّى أَتَى عُمَرَ فَأخْبرهُ».
وَنَوَدُّ أنْ نُنَبِّهَ - ولو أننا استطردنا عن الموضوع - إلى أَنَّ ما فعله الصحابة في هذا المجال لم يكن من باب الاتِّهَامِ، كما حاول بعض المعاصرين من الكاتبين في تاريخ السُنَّةِ أَنْ يَتَقَوَّلَ وينسب إلى الصحابة أنهم قد يَشُكُّونَ فِي
_________
(١) ورد ذلك عن جماعة من الصحابة، انظر الرواية عن بعضهم في " مقدمة صحيح مسلم ": ص ٨، وقارن بـ " البخاري " في العلم، (باب إثم من كذب على النبي ﷺ): ج [١] ص ٢٩ و" سُنن ابن ماجه ": ص ١٠ - ١٣، وانظر " توجيه النظر ": ص ١٤ - ١٦.
1 / 149