ولم يجب عيسى بكلمة، فقام الآخر وهو يقول: أنت لا ترغب في حديثي فلا يجوز أن أزعجك أكثر من ذلك.
وتحول عنه ماضيا نحو المدينة.
وتابعه بعينيه وهو يبتعد، يا له من شاب غريب! ترى ماذا يفعل اليوم؟ وهل رحمته المتاعب؟ ولماذا ينظر إلى الأمام بوجه مبتسم؟
وظل يتابعه بعينيه حتى بلغ آخر الميدان. لم يكن سيئ النية كما توهم، ولم يقصده بسوء، فلم لم يشجعه على الحديث؟ ألم يكن من الممكن أن يستعين به على مغالبة الملل في هذه الساعة من الليل؟ وألم يكن من المحتمل أن يجرهما الحديث إلى شيء مشترك تطيب به السهرة؟
ورآه وهو يختفي متجها نحو شارع صفية زغلول، وقال لنفسه أستطيع أن ألحق به على شرط ألا أضيع ثانية في التردد.
وانتفض قائما في نشوة حماس مفاجئة، ومضى في طريق الشاب بخطى واسعة، تاركا وراء ظهره مجلسه الغارق في الوحدة والظلام.
Unknown page