ثم وهو يضحك: أنت تعرف الحقيقة وتنكرها أو أنني أعرف أكثر منك. - ماذا تعرف؟ - أحب أن أسمع منك وإلا فكيف سنتعامل معا ما دمت تبدأ بالكذب علي!
فقال باستسلام وهو يشبع الحذاء بالورنيش: يقال إنه كتبها باسمه في شهادة الميلاد، الرجل الطيب! - ولكن لم؟ - عجوز وطيب ولا ولد له، وأحب الست وتزوجها على سنة الله ورسوله.
فقال عيسى وهو يزدرد ريقه بصعوبة: رجل طيب حقا ولا يستحق السجن. - ولذلك فهي تعمل مكانه وتنتظره بصبر وإخلاص. - يستحق ذلك وأكثر.
وأعطاه عشرة قروش، وأمله خيرا فيما سيأتي من أيام.
وانتظر عقب منتصف الليل، ولما لمحته وهي آتية قطبت في غضب وابتعدت عن موقفه، ولكنه قال لها بتوسل: أنا منتظر ومعذب ولا بد أن نتكلم.
وسارت دون أن تحييه، فاعترض طريقها قائلا: هي ابنتي، قولي لي ذلك على الأقل.
قالت بحدة: سأنادي البوليس! - هي ابنتي، عرفت الحقيقة كلها! - سأنادي البوليس، ألا تسمع؟! - بل ناد الرحمة والصفح.
فهددته بسبابتها قائلة: أنت تستحق الحرق لا الصفح. - لنبحث عن طريقة لننسى الماضي كله. - نسيته كله، فاختف معه. - اسمعي يا ريري، أنت تنتظرين عبثا، ستنالين حريتك ثم ...
فقاطعته صارخة: يا لك من وغد كما كنت دائما، لا تتصور الخير أبدا!
تقبض وجهه من الألم، ثم أن قائلا: الواقع أنني في غاية من العذاب.
Unknown page