============================================================
واعلما أنه قد جمعتى واياكما مناسبة صناعية وهى حفر الجحر، إلا أنى فى علمها أرسخ منكما، فانتقلا من جحركما، فإنه بنس الجحر ومن شر الأوطان ، وأنا ابن بجدة(1) هذه الأرض والخبير بها ، وقد قيل : قتل أرضا خابرها، فتحولا عن ذلك الجحر واطلبا ماوى سواه .
نخرجا من عند اليربوع يهزان به ، ويسخران منه ، وينسبانه إلى الهرم(1) ال والخوف ورجعا إلى جحرهما فلبثا به مدة طويلة وولدا فيه أولادا، ثم إن الجرذ خرج يوما من الأيام فأوغل فى تلك الأرض لبعض شأنه ، ثم عاد قاصدا إلى الربوة ، فإذا السيل قد جرى فى ذلك الوادى ، فأحدق بالربوة وارتفع حتى صارت الربوة فى مثل البحر العجاج (1)، فوقف على ضفة الوادى ينظر متسرا لفساد وطنه وهلك الفه وذهاب ما آعد من طعمته، فرأى اليربوع قاعدا على الربوة آمنا، فناداه اليربوع : أيها الجرذ كيف وجدت ثمرة إضاعة الحزم ومعصية الخبير النصيح فقال الجرذ : وجدتها مرة .
فقال اليربوع للجرذ: هون عليك وخفض من حسرتك، فان النعمة فى بقاء ال ن فسك تربى على المصيبة بأهلك وولدك، فانس النعمة بالشكر تالفك، فستمتع الاوإنه كان يقال : اظهر البشر لثلثة : للصديق ، والغريم ، والنعمة .
الوكان يقال : الحر لا تذهله إساعة من كان أحسن إليه عن شكر إحسانه الوكان يقال : إذا أحسن إليى محسن ثم تتكر لك وأصابك بساءة، فلا تقبض عنه ودم على شكرك له وبرك به، فان ذلك أوجه شفيع لك عنده .
فقال الجرذ لليربوع : ما كان أشقانى أيها الحكيم بمعصيتى والبعد عنك، الوبحق قيل : العاقل ينبغى ان يصحب العلماء العمدين بالحكمة والأداب، ولو كنت ذا بصيرة لعطمت أناى آيها الحكيم لم تكلف نفسق صعود هذه الربوة (1) أى أعلم بها وبأحواله ، والبجدة هى الأصل .
(2) أى العجز وكبر السن : (3) المضطرب الثاثر .
Page 92