============================================================
الاوكان يقال : إذا أريت صحبة رنيس، فانظر ما يسميله ويتفق عنده من الآلات فان كنت مطيقا للعمل بها فى طلب اقباله عليك وحظوتك عنده، فاقدم عليه وإلا فرض نفسك على ذلك حتى تعلم أنها قد اطاقته وأحكمته فتقدم على قول : فلما تأمل وزير سابور آخلاق البطرك وجده مائلا الى الفكاهات معجبا بنوادر الأخبار، فأخذ الوزير فى اتحافه من ذلك بكل نادرة غريبة، اوملحة عجيبة، فلم تطل المدة به فى صحبته حتى حلا بعينه وقلبه، وصار الصق به من شعرات قصه(1)، وجعل مع ذلك يعالج الجرحى ولا يأخذ على ذلك عوضا، فعظم قدره فى الناس ، وومقته(1) القلوب .
الوكان يقال : إذا كانت القلوب مجبولة على مقة المحسنين كانت المحبة رقا، والأحرار يكرهون الاسترقاق، فالحر على الحقيقة من فدى نفسه من رق الحسنين بكافأتهم على إحسانهم جهده، حتى إذا لم يستطع فليرق نفسه لهم معنورا، وجعل الوزير يتعهد أحوال سابور فى كل وقت إلى أن صنع قيصر الاول يمة حشر إليها الناس على طبقاتهم وتهدد من تخلف عنها، فأراد سابور حضورها ليطلع على هينة قصر قيصر وسمته ونخائره، فنهاه وزيره عن التغرير بنفسه فعصاه، وتزيا بزى ظن آنه يستر به آمره، ودخل دار قيصد ع من حضر، وكان قيصر لما بلغه ما أيد الله به سابور من لطف الفطنة، وعظم الهمة، وشدة البأس فى حال صباه حذره حذرا شديدا، فبعث إلى رته بمصور ماهر، فكى صورة سابور فى مجلسه وحال ركوبه، وغير ذلك من ضروب الأحوال التى شاهده المصور عليها، وقدم بلك الصور على قيصر، فأمر قيصر بأن تصور تلك الصور على فرشه وستوره(1)، وفى آلات اكله وشربه ، فصنع ذلك على ما أمر به ورسمه(2).
اولما دخل سابور دار قيصر واستقر فى مجلسه وطعم مع من حضر نلك المجلس، أتوا بالشراب فى كؤوس البللور والفضة والزجاج المحكم ، وكان فى (1) القص : عظم الصدر، المراد : أى قريب إلى قلبه ونفسه .
(2) أحبته وتوددت إليه .
2) انستور، مقردها الستر : ما يستر به المرء عند نومه .
4) أى كتبه .
Page 56