اللهم إنا نحرص على بلوغ الغاية مع طول المشقة ، ونشح (1) على زمان العمر لقصر المدة ، ونوقظ أنفسنا على اللرام من سينة الغفلة ونخرجها أبدا إلى حسن الفعل من قبح العطلة ونتقرب إليك بالتباعد من الهوى ونستريح إلى تعب البصيره من العمى .
اللهم فاعصمنا من مكائد الشيطان . ولا تكلنا إلى النفس الأمارة بالسوء ، وبلغنا الدرجة العليا برحمتك ، والسعادة القصوى بجودك ورأفتك وإنك على ما تشاء قدير .
رقد قدمنا في الفصل الثاني من كتابنا هذه ذكر الأخلاق وعللها وأسباب اختلاف جواهر الناس فيها، ودللنا على الجميل فيها ليتبع ، ونبهنا على القبيح منها ليجتنب ، وأوضحنا أقسام الفضائل وحتثنا عليها وبينا أجزاء الرذائل وحذرنا منها فمن وفقه الله تعالى للعمل بما تضمنه فقد ظفر بجميل الذكر في الدنيا ، وفاز بجزيل الأجر في الآخره .
م ذكرنا في الفصل الثالث من أقسام السيرة العقلية وفضائلها ، وفصلنا فيها ما أجمل المتقدمون من أنواع العلرم الواحب على الإنسان معرفتها والعمل بها ، وهي السيرة التي من سلك سبيلها وساس بها نفسه وبدنه ومنزله ومعاشه نحا من الشرور الدنيوية ، وتهيأ لا كتسا ب الفضائل الأحروية ، وإذ قد أتينا على ما أردنا بيانه وتفصيله مما قدمنا ذكره ، فلنورد الآن في هذا الفصل وهو الرابع ذكر السبب الموجب لاتخاذ المدن ، والداعي إلى إقامة السياسة في العالم.
فنقول :
إن الذي حدانا على وضع هذا الفصل وإيداعه الكتاب بعد كماله معان منها:
إن الله جل جلاله لما خص الملوك بكرامته ، ومكن لهم في بلاده وخولهم عباده أرجب على علمائهم تبجيلهم وتعظيمهم وتوقيرهم ، كما أوجب عليهم طاعتهم ، فقال
Page 92