al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk
السلوك في طبقات العلماء والملوك
Investigator
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
Edition Number
الثانية
وَأمر لَهُ بالإعاضة عَنْهَا ثمَّ أَقَامَ بِبَغْدَاد مُدَّة فقيد بهَا كتبه الْقَدِيمَة وَكَانَ كثير الذّكر للسَّفر فعوتب فِي ذَلِك فَقَالَ لمعاتبه ... تغرب عَن الأوطان فِي طلب الْعلَا ... وسافر فَفِي الْأَسْفَار خمس فَوَائِد
تفرج هم واكتساب معيشة ... وَعلم وآداب وصحبة ماجد
فَإِن قيل فِي الْأَسْفَار قل وغربة ... وَقطع فياف وارتكاب شَدَائِد
فموت الْفَتى خير لَهُ من مقَامه ... بدار هوان بَين واش وحاسد ... وَعُوتِبَ على كَثْرَة التنقل فِي الْبلدَانِ فَقَالَ شعرًا ... رِزْقِي تشَتت فِي الْبِلَاد وإنني ... أسعى لجمع شتاته وأطوف
فكأنني قلم بأنمل كَاتب ... وَكَأن رِزْقِي فِي الْبِلَاد حُرُوف ... ثمَّ عزم على الترحل إِلَى مصر فَقَالَ فِي ذَلِك ... أرى نَفسِي تتوق إِلَى مصر ... وَمن دونهَا أَرض المهامه والقفر
فَلَا أَدْرِي أللفوز والغنى ... أساق إِلَيْهَا أم أساق إِلَى الْقَبْر ... وَكَانَ يُقَال الشَّافِعِي شَاعِر غلب عَلَيْهِ الْفِقْه قلت بل شرفت نَفسه عَلَيْهِ وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ بِشَيْء من شعره يَقُول ... وَلَوْلَا الشّعْر بالعلماء يزري ... لَكُنْت الْيَوْم أشعر من لبيد ... ثمَّ سَافر فَدخل مصر سنة تسع وَتِسْعين ومئة فَأدْرك بهَا السِّت نفيسة وَالنَّاس إِذْ ذَاك يحْضرُون مِنْهَا مَجْلِسا ويروون عَنْهَا الحَدِيث من وَرَاء ستر فَحَضَرَ الشَّافِعِي مجلسها وَأخذ عَنْهَا فَهِيَ مَعْدُودَة فِي شُيُوخه وَسَيَأْتِي ذكرهَا فيهم إِن شَاءَ الله
قَالَ ابْن خلكان قد اتّفق الْعلمَاء قاطبة من أهل الْفِقْه وَالْأُصُول والنحو اللُّغَة وَغير ذَلِك على ثِقَة الشَّافِعِي وأمانته وعدالته وزهده وورعه ونزاهة عرضه وعفة نسبه وَصِحَّة حَسبه وَحسن سيرته وعلو قدره أَخذ عَنهُ الْأَصْمَعِي مَعَ جلالة قدره شعر
1 / 153