199

al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk

السلوك في طبقات العلماء والملوك

Investigator

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

Edition Number

الثانية

وَهُوَ فِي الرَّابِعَة من سني عمره غشي عينه الْيُمْنَى بَيَاض وَذَهَبت الْيُسْرَى جملَة وَدخل بَغْدَاد مرَّتَيْنِ مرّة فِي سنة ثَمَانِي وَسِتِّينَ وثلثمئة وَالْأُخْرَى فِي سنة تسع وَتِسْعين أَقَامَ فِي هَذَا الدُّخُول سنة وَسَبْعَة أشهر ثمَّ رَجَعَ المعرة فَلَزِمَ منزله وسمى نَفسه رهين المحبسين للُزُوم منزله وَذَهَاب بَصَره وَغلب عَلَيْهِ مُعْتَقد الْحُكَمَاء فَأَقَامَ خمْسا وَأَرْبَعين سنة لَا يَأْكُل اللَّحْم يُرِيد أَن لَا يَأْتِي أكله إِلَّا بِالذبْحِ وَهُوَ تَعْذِيب وَغير جَائِز التعذيب وَلَا الإيلام مُطلقًا فِي جَمِيع الْحَيَوَانَات وَعمل الشّعْر وَهُوَ ابْن إِحْدَى عشرَة سنة قَالَ ابْن خلكان من شعره فِي اللُّزُوم ... لَا تَطْلُبن بِغَيْر حَظّ رُتْبَة ... قلم البليغ بِغَيْر حَظّ مغزل سكن السما كَانَ السَّمَاء كِلَاهُمَا ... هَذَا لَهُ رمح وَهَذَا أعزل ... وَقد تقدم الذّكر أَنه كَانَ على مُعْتَقد الْأَطِبَّاء حُكيَ أَن الْوَزير أَبَا نصر أَحْمد بن يُوسُف دخل المعرة وَاجْتمعَ بِهِ فَشَكا إِلَيْهِ حَاله وَأَنه مُنْقَطع عَن النَّاس وهم لَا يَدعُونَهُ من أذاهم اتهمهم أَنهم يكفرونه فَقَالَ لَهُ الْوَزير مَا لَهُم وَلَك وَقد تركت لَهُم الدُّنْيَا والاخرة فَقَالَ أَبُو الْعَلَاء وَالْآخِرَة أَيْضا وَالْآخِرَة وَجعل يكررها ويتألم إِن كثيرا من الْعلمَاء يَعْتَقِدُونَ مروقه عَن الدّين وَمَوته على ذَلِك وَمِنْهُم من يَقُول إِنَّه تَابَ قبل الْمَوْت ثمَّ قابلوا ذَلِك بَين قَائِل لصِحَّته وَقَائِل إِنَّه لم يكن إِلَّا خشيَة نفور النَّاس عَن قبرانه وشهود جنَازَته فَالله تَعَالَى يعصمنا من الْخَطَأ ويوفقنا لاستعطاء الْعَطاء وَاسْتدلَّ قَائِل ذَلِك بِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُ فِي مرض مَوته ثمَّ أوصى أَن يكْتب على قَبره مَا يُحَقّق

1 / 257