Sultan Muhammad Fatih
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Genres
كانت إستامبول في عهد الفاتح موئلا للعلماء من كل البقاع الإسلامية؛ فلقد كان السلطان يستقدمهم ويغالي في إكرام وفادتهم ويسهل لهم كل وسائل الإقامة، فعل ذلك مع القوشجي الذي أهداه رسالة في علم الحساب المسماة المحمدية ومع سراج الدين الخطيب وقطب الدين العجمي والشيرواني وغيرهم.
وأهم المدارس التي أنشأها الفاتح المدارس الثماني حول جامعه في إستامبول ومدرسة أيا صوفيا ومدرسة أبي أيوب الأنصاري، ونحن نعرف أن الفاتح حول ثماني كنائس في إستامبول إلى جوامع وألحق بكل منها مدرسة، كما أنشأ مدارس في بعض المدن المهمة الكبرى.
وكان العلماء البارزون في الفقه والشريعة في عهد الفاتح كثيرين، وقد ذكرهم وترجم لهم وعدد مناقبهم المولى أحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زاده في كتابه الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية.
وعلى رأس هؤلاء العلماء ملا خسرو محمد بن قراموز الرومي المتوفى سنة 1480م، وهو رومي اعتنق الإسلام، وتتلمذ على الشيخ حيدر الهروي الذي كان مفتيا في البلاد الرومية، وعين مدرسا في مدرسة أدرنة المسماة شاه ملك، وبعد فتح القسطنطينية عين قاضيا لإستامبول وللعسكر المنصور في نفس الوقت الذي قام فيه بالتدريس في مدرسة أيا صوفيا، وكان السلطان محمد الثاني يحبه ويحترمه ويفخر بوجوده في دولته، ووكل إليه تقنين الشرع الإسلامي، ولقد تولى ذلك الشيخ الجليل وظيفة الإفتاء، ولقد كتب عنه السيوطي وترجم له ابن العماد في شذرات الذهب، ولهذا العالم مؤلفات كثيرة في الشريعة الإسلامية والفقه منها مرقاة الأصول مع مرآة الوصول، وغرر الأحكام في شرح درر الحكام والرسالة الولائية وكاشفات الشبهات العلائية وجملة رسالات أخرى مثل رسالة في الاستخلاف للخطبة، وأخرى في أسرار الفاتحة.
ومنهم الشيخ أحمد بن إسماعيل الكوراني، تلقى تعليمه في القاهرة حيث كان موضع تقدير الأمير جقمق، وكان السلطان الغازي مراد الثاني يكرمه إكراما شديدا، وعينه مدرسا لولده محمد، ولقد عينه السلطان الفاتح مساعدا لقاضي عسكر، ثم عينه قاضيا في مدينة بورصه ثم ولي الإفتاء في آخر الأمر، ومات بعد عهد تلميذه العظيم، ولعظم قدره في الدولة حضر السلطان بايزيد الثاني صلاة الجنازة عليه في سنة 893ه. وقد ترجم له السخاوي في الضوء اللامع. وله غايات الأماني والبدور اللوامع، ولوامع الغرر في شرح فوائد الدرر، وكشف الأسرار عن قراءات الأئمة الأخيار، وغايات الزمان في تفسير الكلام الرباني.
ومنهم الشاعر والفقيه جلال زاده خضر بك كتب النونية في العقائد.
ومنهم مصلح الدين البروسوي كتب نقدا لتهافت الفلاسفة ورسالة في الحركة، ومنهم خطيب زاده بن تاج الدين، وملا خيالي، ومصطفى القسطلاني، وعلاء الدين عربي، وعلاء قوشجي الذي كتب الرسالة المفردية وعقود الجوهر والمعجز في الطب، ومنهم علي بن مجد الدين شاهرودي الهروي، وهو من أحفاد الفخر الرازي ومن تصانيفه شرح الإرشاد، وشرح المصباح في النحو، وشرح آداب البحث، وشرح العقيدة الروحية لابن سينا، وله تآليف أخرى بالفارسية. ومنهم ملا لطفي وهو صاحب رسالة في تاريخ الحكمة، وعبد الرحمن بن مؤيد الذي يقال إن له من المؤلفات سبعة آلاف مجلد، ومنهم تكساري وتاجي بك زاده وجعفر، وسعدي شلبي، وعلي جمالي، وابن كمال، والمفسر أبو السعود الذي عرف باسم كمال باشا زاده.
ولابن كمال آثار ومؤلفات في الفقه والتفسير وعلم الكلام والحكمة والتاريخ والمعاني، وكان ينظم الشعر باللغتين الفارسية والتركية. وأما أبو السعود فكان قاضيا ثم تولى المشيخة الإسلامية فأصبح شيخا للإسلام، ويقال إنه لما شاع خبر وفاته في الحرمين صليت عليه هناك صلاة الغائب، ويروى أنه كان يصدر في اليوم ألف فتوى، وتفسيره للقرآن مشهور وشرحه لبردة البوصيري يدل على قوة في اللغة العربية واطلاع واسع في الأدب العربي، وهو يتبع في أسلوبه السجع ويهتم بالصنعة اللفظية.
ومنهم محمد بن قطب الأزنيقي صاحب التعبير المنيف والتأويل الشريف، وشرح الأوراد ورسالة في المعرفة وفتح مفتاح الغيب، ولقد جمع هذا الرجل - كما يقول ابن العماد صاحب شذرات الذهب - بين الشريعة والطريقة والحقيقة. وظهر في الفلسفة كمال الدين مسعود الشرواني الرومي له رسالة في الأبحاث الثلاثة المتعلقة بالكلام والمنطقة والحكمة، وله شرح السمرقندية، وشرح المواقف ... ومنهم يوسف بن حسن القرمسطي، كتب رسالة في المواقف، والوجيز في أصول الدين، وزبدة الوصول إلى علم الأصول، ومنهم حاجي شلبي الفناري صاحب رسالة على المبدأ الأول وشرح المواقف. وظهر في اللغة السيد محمد بن السيد حسن بن علي وله جامع اللغة، ولطف الله شلبي وهو تلميذ التفتازاني، له متصرفات الأسماء ومقدمات العلماء.
ومن أجل العلماء قدرا في عهد الفاتح ممن توسلوا إلى الله بالتقوى صادقين الشيخ آق شمس الدين، ولقد دعاه السلطان إلى صحبته عند حصاره مدينة القسطنطينية، ولقد بشر ذلك الشيخ أحمد باشا، وهو أحد وزراء السلطان بالنصر وعين له وقت الفتح، كما يروي صاحب الشقائق النعمانية، وحمل الوزير هذه البشرى إلى السلطان، فلما قرب الوقت الموعود ولم تفتح المدينة خشي الوزير غضب السلطان، فأسرع إلى الشيخ فوجده يبكي ويتضرع إلى الله ويسأله أن يتم نصره، ثم أنزل الله نصره ودخل الأتراك المدينة في الوقت الذي عينه الشيخ فقال السلطان: ما فرحت بهذا الفتح مثل فرحي بوجود مثل هذا الرجل في زماني.
Unknown page