اما الخلافة الشرعية. فقد تمت « على ظاهرتها العامة » من طريق البيعة الاختيارية ، للمرة الثانية في تاريخ آل محمد صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين وطلعت على المسلمين من الزاوية المباركة التي طلعت عليهم بالنبوة قبل نصف قرن. فكانت من ناحية صلتها برسول الله صلى الله عليه وآله ، امتدادا لمادة النور النبوي ، في المصباح الذي يستضيء به الناس. ومع الخليفة الجديد كل العناصر المادية والمعنوية التي تحملها الوراثة في كينونته ومثاليته.
فكان على ذلك الأولى بقول الشاعر :
نال الخلافة اذ كانت له قدرا
كما أتى ربه موسى على قدر
ويعود الامام الحسن عليه السلام بعد أن أخذت البيعة له فيفتتح عهده الجديد ، بخطابه التاريخي البليغ ، الذي يستعرض فيه مزايا أهل البيت وحقهم الصريح في الامر ، ثم يصارح الناس فيه بما ينذر به الجو المتلبد بالغيوم من مفاجئات واخطار ..
فيقول. ( وهو بعض خطابه ):
« نحن حزب الله الغالبون ، وعترة رسول الله الاقربون ، وأهل بيته الطيبون الطاهرون ، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله في امته ، ثاني كتاب الله الذي فيه تفصيل كل شيء ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فالمعول علينا في تفسيره ، لا نتظنن تأويله بل نتيقن حقائقه ، فأطيعونا فان طاعتنا مفروضة ، اذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة ، قال الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول وقال : ولو ردوه الى الرسول واولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ».
ثم يمضي في خطابه ، ويردف أخيرا بقوله :
Page 59