سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر
تأليف السيد علي صدر الدين المدني المعروف بابن معصوم
خطبة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
يا من أودع جواهر الكلم حقائق الشفاه فنظمت منها الألسن لحمده تقاصير وعقودًا ويا من اطلع زواهر الحكم من كمام الأفواه فجنت منها العقول لشكره أزاهير ورودًا نحمدك على ما قلدتنا به من مننك التي فاقت قلائد العقيان وعقود الدرر ونشكرك على ما أهلتنا له من اقتناص شوارد فوائد الأعيان الواضحة الحجول والغزر حمدًا تتحلى بحلاه أجياد المهارق ولبات الطروس وشكرًا يتجلى بسناه مزيد الآلاء تجلي الغادة العروس ما كحلت أجفان سطور الدفاتر بمراود أقلام اثمد المحابر وجلت ماشطة اليراعه عرائس أبكار الأفكار في منصات البراعه ونصلي على رسولك الذي قلد بنظم عقود ألفاظه للزمان جيدًا ونحرًا الصادع بقوله الصادق أن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرًا نبينا محمد الهادي المظلل بالغمامه المفحم بلسانه الضادي مدراره نجد ومصاقع تهامه المؤيد بمعجز آيات تتلى على مر الدهور ولا تبلى الممدود سرادق مجده على قمم الأفلاك شرفًا ونبلًا وعلى آله الذين مهدوا بعلياء فصاحتهم نهج البلاغه وصحبه الذين امتثلوا أوامره وصدقوا بلاغه صلى الله وسلم عليه وعليهم صلاة وسلامًا يعبق الكون من نشرهما ريا ما تحلت عروس السماء بسوار الهلال ومنطقة الجوزاء وفرط الثريا وبعد فيقول الفقير علي صدر الدين المدني ابن أحمد نظام الدين الحسيني الحسني أنالهما الله سبحانه من فضله السني إن الأدب روض لا تزال عذبات افنان فنونه تترنح بنسمات القبول وثمرات أوراقه في الأذواق معسولة المجتنى لا يعتري نضارتها على مر الزمان ذبول تبسط أردان الأذهان لاجتناء نواره وزهوره وتملأ أكمام الأفهام من ورود أكمام منظومه ومنثوره وتميس بسنائمه معاطف اللسان لا الأغصان وتسقى بسلسله رياض الجنان لا الجنان ويثأرج بأنفاسه المنطق السحار لا الأسحار كيف لا وهو فرض الإنس المؤدى وحبيب النفس المفدى وصديق الطبع وعشيق السمع وراح العقل ونقل النقل طالما باهت أربابه بسناه القمر في ليالي السمر وضاهت بلآلي نظم درر البحور في نحور الحور وساجلت بسجع نثره المصون سجع الحمائم في فروع الغصون حتى رفعت بهم غريدته عقيرتها إذ سجعت ونبهت ذات طوقه بحسن ألحانها الألحان مذ هجعت
وكم أهدت إلى الأسماع معنىً ... كأنّ نسيمه شرقٌ براح
ولفظًا ناهب الحلي الغواني ... وأهدى السحر للحدق الملاح
ولله عصابه فوفوا سهام الاصابه فجددوا معاهده في كل عصر واجتلوا من خرائده يتيمة دهر ودمية قصر ونظموا من فرائده قلائد العقيان ونسقوا من فوائده عقود الجمان وادخروا من أعلاقه أنفس ذخيره ووردوا من منهله صافيه ونميره وانتشوا من سلافته في أشرف حانه واقتطفوا من رياض ورده وريحانه فنهجوا لاقتفاء آثارهم سبيلًا وسقوا من رحيق أفكارهم سلسبيلًا شكر الله سعيهم وأحسن يوم الجزاء رعيهم هذا وإني منذ ارتأيت بعين البصيرة في عالم الوجود وأكرمني بمناط التكليف مفيض الكرم والجود لم أزل ثاقب العزيمه كالشهاب الثاقب في اكتساب المناقب ماضي الصريمه كالجرار الباتر في اقتناء المآثر وناهيك بالعلم الشريف منقبة وفخرًا وبفرائد فوائده إذا اصطفيت الذخائر ذخرًا مولعًا بافتضاض أبكار الأفكار بالآصال والأبكار كلفًا باجتلاء عرائس المأثور من المنظوم والمنثور متجملًا بأهداب الآداب تجمل الأجفان بالأهداب اقتني من نفائس الأدب كل تليد وطارف واجتلي من كرائمه كل خريدة ترفل في حلل المطارف واجتني من رياضه بواكير رياحينه وثماره واعتني بجميع أخبار سماسرته وأحاديث سماره لا سيما ما للمعاصرين ومن تقدم عصرهم قليلًا من أزاهير النظم والنثر التي هب عليها نسيم القبول بليلًا فطالما عنيت بتقييد شواردهم النادرة الفذة عملًا بمقتضى المثل المشهور لكل جديد لذة حتى توفر لدي منها رقائق تحسد رقتها أنفاس النسيم وقلائد تروع حالية العذارى فتلمس جانب العقد النظيم وفقرات يفتقر إليها من الأدباء كل قاص وداني
وقوافٍ لو ساد الجدّ نيطت ... موضع الدر من رقاب الغواني
تناهى النهى فيها وابدع نظمها ... خواطر ينقاد البديع لها قسرا
1 / 1