ثم مواصلا الحديث بعد تفكير: إن مثلي لن يعرف الكفاح بمعناه المر ما دام لي بيت ولأبي دخل، ولا أنكر أني مطمئن بذلك ولكن في الوقت نفسه خجل منه! - متى ينتظر أن تؤجر على عملك؟ - لم يحدد الأستاذ وقتا ..
وعند العتبة الخضراء افترقا، فمضى أحمد إلى مجلة الإنسان الجديد، وقد استقبله الأستاذ عدلي كريم مشجعا، وذهب معه إلى حجرة السكرتارية حيث خاطب من فيها قائلا: زميلكم الجديد الأستاذ أحمد إبراهيم شوكت ..
ثم قدم إليه زملاءه قائلا: آنسة سوسن حماد، الأستاذ إبراهيم رزق، الأستاذ يوسف الجميل.
وصافحوه مرحبين، ثم قال إبراهيم رزق مجاملا: اسمه معروف في مجلتنا ..
وقال الأستاذ عدلي كريم باسما: إنه الابن البكر للإنسان الجديد .. (ثم وهو يشير إلى مكتب يوسف الجميل): ستعمل على هذا المكتب؛ فإن عمل صاحبه في الخارج إلا فيما ندر ..
وغادر عدلي كريم الحجرة فدعا يوسف الجميل أحمد إلى الجلوس على كرسي قريب من مكتبه، وانتظر حتى جلس ثم قال: ستوجهك الآنسة سوسن إلى العمل الذي سيناط بك، ولا بأس الآن أن تشرب فنجان قهوة .. وضغط على زر الجرس على حين راح أحمد يتصفح الوجوه والمكان. كان إبراهيم رزق كهلا مهدما يبدو أكبر من سنه بعشرة أعوام، أما يوسف الجميل فكان في العقد الأخير من الشباب، وكان مظهره ينم عن الحذق والذكاء. ورمى ببصره إلى سوسن حماد وهو يسائل نفسه ترى هل تذكره؟ ولم يكن رآها منذ أول مقابلة عام 1936. والتقت عيناهما فسألها باسما مدفوعا برغبة في الخروج عن صمته: قابلت حضرتك هنا منذ خمس سنوات ..
فلاح التذكر في عينيها اللامعتين فاستدرك قائلا: كنت أسأل عن مصير مقالة تأخر نشرها؟
فقالت باسمة: أكاد أذكرك، وعلى كل فقد نشرنا منذ ذلك التاريخ مقالات كثيرة.
فقال يوسف الجميل معلقا: مقالات تنم عن روح تقدمية طيبة ..
وقال إبراهيم رزق: إن الوعي اليوم غيره بالأمس، كلما نظرت في الطريق قرأت على الجدران عبارة «الخبز والحرية» هذا شعار الشعب الجديد.
Unknown page