16. أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت403ه)
(لا خلاف بين أهل اللغة في أن القول (صحابي) مشتق من الصحبة وأنه ليس بمشتق من قدر مخصوص منها، بل هو جار على كل من صحب غيره، قليلا كان أو كثيرا، كما أن القول مكلم ومخاطب، وضارب مشتق من المكالمة والمخاطبة والضرب على كل من وقع منه ذلك، قليلا كان أو كثيرا، وكذلك جميع الأسماء المشتقة من الأفعال، وكذلك يقال صحبت فلانا حولا ودهرا وسنة وشهرا ويوما وساعة، فيوقع اسم المصاحبة بقليل ما يقع منها وكثيره، وذلك يوجب في حكم اللغة إجراء هذا على من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو ساعة من نهار، هذا هو الأصل في اشتقاق الاسم، ومع ذلك فقد تقرر للأمة عرف في أنهم لا يستعملون هذه التسمية إلا فيمن كثرت صحبته واتصل لقاؤه، ولا يجرون ذلك على من لقي المرء ساعة ومشى معه خطى وسمع منه حديثا، فوجب لذلك أن لا يجري هذا الاسم في عرف الاستعمال إلا على من هذه حاله، ومع هذا فإن خبر الثقة الأمين عنه مقبول ومعمول به، وإن لم تطل صحبته ولا سمع منه إلا حديثا واحدا.
قلت: واضح من عبارة الباقلاني في عدم اعتماده مجرد (الاشتقاق اللغوي) وأن من لم تظل صحبته وتكثر قد لا يكون مأمونا ولا ثقة وأنه لا بد من معرفة مرتبته جرحا أو تعديلا.
Page 42