Suhba Wa Sahaba
الصحبة والصحابة
Genres
الحديث الرابع
حديث أبي سعيد الخدري في تخاصم خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)).
الحديث مشهور بلفظ ((لا تسبوا أصحابي...))، وهو يخاطب خالد بن الوليد عندما تخاصم مع عبد الرحمن بن عوف، في قضية بني جذيمة (بعد فتح مكة).
وهذا دليل واضح على إخراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لخالد بن الوليد وطبقته من الصحبة الشرعية لأكثر من دلالة:
الدلالة الأولى والأقوى والمهملة من قبل المخالفين: أن تكملة الحديث فيها بيان للصحبة الشرعية التي كتبنا في بيانها هذا البحث، وأنها لا تدرك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((فلو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) فهذه هي الصحبة الشرعية تماما، وهي التي لم يدركها خالد بن الوليد- على فضله وشجاعته- كما لم تدركها طبقته كعمرو بن العاص وغيره، فمن باب أولى ألا يدركها طلقاء مكة، ولا عتقاء ثقيف، ولا معظم الأعراب، ولا الوفود المتأخرون ونحوهم.
الدلالة الثانية: أن خالدا أقر بهذا ولم يقل (يا رسول الله: أولست من أصحابك؟) لأن خالدا يعرف الفرق بين الصحبة الشرعية التي قام عليها الإسلام وبين الصحبة العامة أو اللاحقة التي يطلق على أصحابها (التابعين) من الناحية الشرعية.
الدلالة الثالثة: أن قصة الحديث وقعت بعد فتح مكة، وبعد أن صحب خالد بن الوليد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مدة من الزمن (ثمانية أشهر تقريبا) ، لكن لم تشفع له في الحصول على فضيلة (الصحبة الشرعية)، فكيف بمن بعده؟ إذن فالمسلمون بعد فتح الحديبية لا يدخلون في الصحبة الشرعية وإنما يدخلون في الصحبة العامة التي هي الاتباع ويطلق على أصحابها من الناحية الشرعية (تابعون) وإن جاز تسميتهم (صحابة) لكن صحبة عامة لا شرعية.
Page 107