Sufiyya Nashatha Wa Tarikhha
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Genres
في النصف الأول من هذا الفصل، رأينا الدور السياسي المهم الذي لعبه النقشبنديون في آسيا الوسطى تحت قيادة شخصيات مثل عبيد الله أحرار (المتوفى عام 1490) وأحمد الكاساني (المتوفى عام 1543)، وفي القرن السابع عشر، نجد واحدا من ذرية الكاساني يدعى آفاق خواجه (المتوفى عام 1694) يجعل النقشبنديين يلعبون دورا أكثر تأثيرا في المنطقة. فعندما رأى آفاق خواجه توسع سلالة تشينج الصينية نحو الغرب منذ أربعينيات القرن السابع عشر، وتفكك خانات جغتاي المغولية، استخدم دور النقشبنديين الأقدم كوسطاء سياسيين للسفر إلى منطقة التبت، والدخول في مفاوضات مع الدالاي لاما الخامس، نجوانج لوبسانج جياتسو (المتوفى عام 1682)، الذي جعلته مصادر القوة العسكرية التي يمتلكها حاكما لتبت موحدة.
131
ومن خلال تلقي المساعدة الدبلوماسية من التبت البوذية، وتلقي الدعم العسكري من أفراد قبيلة القلميق، تمكن آفاق خواجه عام 1680 من انتزاع السلطة من الحكام الجغتائيين، وتأسيس نظام حكم سياسي نقشبندي في منطقة قشغر، استمر حتى سقوطه في عام 1760، على إثر غزوات إمبراطورية تشينج الصينية. وكانت تلك الدولة الصوفية تعرف باسم «إيشانات»، وهي كلمة فارسية تعني «هم» الدال على الاحترام الذي كان يستخدم للإشارة إلى قادتها، وفي أوج ازدهارها أدارت «اقتصادا روحانيا حقيقيا»، تولت فيه هرمية الطريقة إدارة الضرائب وامتلاك الأراضي في الوقت نفسه الذي تولت فيه الإرشاد الأخلاقي والروحاني لأتباعها، عن طريق النسق النقشبندي المميز المعروف باسم «الصحبة»، التي تعني ملازمة الشيخ.
132
في الوقت نفسه، كان لوجود دولة صوفية على أطراف النطاق الثقافي للصين أثره في نقل أعمال مثل «مثنوي معنوي» للرومي و«نفحات الأنس» للجامي إلى الشرق، تلك الأعمال التي قد أصبحت في ذلك الوقت تمثل الأعمال الكلاسيكية من الشعر والنثر الصوفي الفارسي.
133
وفي القرن السابع عشر، كان العلماء المسلمون الصينيون الذين يعملون في أقصى الشرق في قلب الصين الثقافي لا يترجمون الأعمال الصوفية إلى الصينية فحسب، بل يكتبون أيضا كتبا أصلية عن النظرية الصوفية باللغة الصينية الأدبية. وفي تجسيد صيني لعملية إضفاء الطابع المحلي، التي شهدنا حدوثها في البيئات التركية والملايوية والهندية، وجد العالم وانج داي يو (المتوفى عام 1657 أو 1658)، من محل إقامته في نانجينج عاصمة سلالة مينج الجنوبية، صعوبة في استخدام المصطلحات المفاهيمية الصينية الموجودة مثل مصطلح «تشن» (أي حق) للتعبير عن أفكار إسلامية؛ مثل التوحيد ووحي القرآن الفريد؛ ونتيجة لذلك، كون مصطلحات جديدة مثل «تشن شو» (الإله الحق) و«تشن تشينج» (الفريد الحق) في عمله الرائد «العلم الشامل للنقي والحق».
134
وكان ليو تشي (المتوفى عام 1730) من الكتاب المسلمين الصينيين الآخرين في هذه الفترة المقيمين في نانجينج، وبالإضافة إلى تأليفه كتاب «عرض خفاء العالم الحق» - الذي يعد النسخة الصينية من كتاب «اللوائح» الفارسي الذي كتبه الشاعر النقشبندي عبد الرحمن الجامي (المتوفى عام 1492) - كتب أيضا سيرة شهيرة للنبي محمد باللغة الصينية.
135
Unknown page