Sufiyya Nashatha Wa Tarikhha
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Genres
117
ونتيجة لذلك، تعرضت جماعة من الصوفيين العرب إلى الضرب، ودمر العديد من الأضرحة على يد مجموعة مكونة من ألف جندي تركي مسرح، كانوا من بين مستمعي الواعظ. وعلى غرار جماعة قاضي زاده، فإن ذلك الهجوم على الصوفية لا يمكن فصله عن مصالح من شنوه ، سواء أنظرنا للهجوم من منظور المطالبة بتحويل الممتلكات الصوفية إلى مدارس، أم من منظور الصراعات حول رواتب الجند التي أدت إلى وفاة أربعة آلاف شخص في القاهرة في العام نفسه الذي حدث فيه الهجوم.
118
على الرغم من ذلك، وكما في حالة عمر الفؤادي (المتوفى عام 1636) الصوفي الأناضولي المنتمي إلى الطريقة الخلوتية، فقد تمكن الصوفيون في الأراضي العثمانية من التغلب إلى حد كبير على هجمات جماعة قاضي زاده، ووجدوا مناصرين للطرق ومؤسسات الأضرحة الجديدة التي أسسوها في القرن السابع عشر.
119
إلا أنه على الرغم من أن انتقادات العلماء للبدع والتجاوزات الصوفية لم تكن مقتصرة على تلك الفترة، فإنها بداية من القرن السابع عشر وجدت لها صدى اجتماعيا أعمق؛ لأن جماعات معينة في المجتمع اختارت الارتباط بحركة نقد عقائدي، كانت لها عواقب ملموسة مرتبطة بتوزيع النفوذ والمنافسة والفرص، وإذا كنا رأينا في سلطنة مغول الهند كيف أن صوفية الترابط الاجتماعي استطاعت الجمع بين الهندوس والمسلمين، فإننا في هذا السياق العثماني نرى كيف أن بروز الأضرحة الثرية، ونفوذ الطرق ذات العلاقات القوية، كانا من مسببات التفسخ الاجتماعي؛ حيث أصبحا ملاذ الجماعات الساخطة والمحرومة.
في مصر في القرن الثامن عشر، كان الصوفيون العثمانيون أتباع الطريقة الخلوتية يروجون صوفية كانت تجربة «الحقيقة» المطلقة فيها متناغمة بدقة مع أحكام الشريعة،
120
وبدلا من حدوث انفصال بين الصوفيين والعلماء، كانت نتيجة ذلك أنه بحلول منتصف القرن الثامن عشر أصبحت الخلوتية الانتماء المفضل لدى علماء الجامع الأزهر، الذي يعد أهم جامعة دينية للعلماء السنيين في الشرق الأوسط.
121
Unknown page