242

Al-taṣawwuf – al-manshaʾ waʾl-maṣādir

التصوف - المنشأ والمصادر

Publisher

إدارة ترجمان السنة

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

لاهور - باكستان

Genres

روحا، ولكل تنزيل تأويلا، ولكل مثال حقيقة في هذا العالم) (١).
فحاصل ما قلناه أن تقسيم الشريعة والعلوم إلى الظاهر والباطن من أهم الميزات التي تتميّز بها الشيعة بفرقها عن الآخرين من المسلمين، وهم الذين تقوّلوا بها متأثرين باليهودية التي استقوا منها أفكارهم، بوساطة عبد الله بن سبا اليهودي، المؤسس الحقيقي الأول لديانتهم ومذهبهم.
ثم أخذ المتصوفة بدورهم أفكار الشيعة ومعتقداتهم، فآمنوا بها واعتقدوها، وجعلوها من الأصول والقواعد لعصابتهم، فقالوا مثل ما قاله الشيعة والفرق الباطنية:
(العلوم ثلاثة: ظاهر، وباطن، وباطن الباطن، كما أن الإنسان له ظاهر، وباطن، وباطن الباطن.
فعلم الشريعة ظاهر، وعلم الطريقة باطن، وعلم الحقيقة باطن الباطن) (٢).
وقال الطوسي أبو نصر السراج:
(إن العلم ظاهر وباطن ... ولا يستغني الظاهر عن الباطن، ولا الباطن عن الظاهر، وقد قال الله ﷿: ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم: فالمستنبط هو العلم الباطن، وهو علم أهل التصوف، لأن لهم مستنبطات من القرآن والحديث وغير ذلك ... فالعلم ظاهر وباطن، والقرآن ظاهر وباطن، وحديث رسول الله ﷺ ظاهر وباطن، والإسلام ظاهر وباطن) (٣).
وذكر المتصوفة نفس تلك الرواية التي نقلها الشيعة والإسماعيلية، وهي:
(لكل آية ظاهر وباطن، وحدّ ومطلع) (٤).
ولم يكن التشابه والتوافق مع الشيعة، والاستفادة والاقتباس منهم منحصرا في

(١) انظر الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ٢٠١ بهامش الفصل لابن حزم.
(٢) انظر الفتوحات الإلهية لابن عجيبة ص ٣٣٣.
(٣) كتاب اللمع للطوسي ص ٤٣، ٤٤.
(٤) لطائف المنن لابن عطاء الله الإسكندري ص ٢٤٨ بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود. ط مطبعة حسان القاهرة ١٩٧٤ م، أيضا عوارف المعارف للسهروردي ص ٢٥، أيضا روضة التعريف للسان الدين بن الخطيب ص ٤٣١، أيضا إيقاظ الهمم لابن عجيبة ص ٤٦١، ومثله في جمهرة الأولياء للمنوفي ج١ ص ١٦٠، تفسير ابن عربي ج١ ص ٢.

1 / 245