Sufism - Origin and Sources
التصوف - المنشأ والمصادر
Publisher
إدارة ترجمان السنة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
لاهور - باكستان
Genres
وأخبر أن الخير فيها، وأن الشر في تعدِّيها - إلى غير ذلك، لأن الله يعلم ونحن لا نعلم، وأنه إنما أرسل الرسول ﷺ رحمة للعالمين. فالمبتدع رادٌ لهذا كله، فإنه يزعم أن ثمَّ طرقا أخر، ليس ما حصره الشارع بمحصور، ولا ماعينه بمتعين، كأن الشارع يعلم، ونحن أيضا نعلم. بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع، أنه علم ما لم يعلمه الشارع.
وهذا إن كان مقصودا للمبتدع فهو كفر بالشريعة والشارع، وإن كان غير مقصود، فهو ضلال مبين.
وإلى هذا المعنى أشار عمر بن عبد العبد العزيز ﵁، إذ كتب له عديُّ بن أرطاه يستشيره في بعض القدرية، فكتب إليه.
(أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتِّباع سنة نبيه ﷺ، وترك ما أحدث المحدثون فيما قد جرت سنته وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنّها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك بما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ، قد كفوا وهم كانوا على كشف الأمور أقوى، وبفضل كانوا فيه أحرى. فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم، ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سننهم، ورغب بنفسه عنهم، إنهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه ما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر عنهم آخرون فقلوا وأنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم).
ثم ختم الكتاب بحكم مسئلته.
فقوله: (فإن السنة إنما سنها من قد عرف مافي خلافها) فهو مقصود الأستشهاد.
والرابع: إن المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع، لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجري على سنتها، وصار هو المنفرد بذلك، لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون. وإلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع، ولم يبق الخلاف بين الناس. ولا احتيج إلى بعث الرسل ﵈.
هذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا، حيث شرع مع
1 / 18