Sudan
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Genres
وقد أقام ابن دينار إدارة حكومية وفرض الضرائب، وكان له جيش من زنوج الفرتيت المنظمين والمسلمين، وكانت أكثر أسلحتهم فرنسية حصلوا عليها من طريق الصحراء الشمالية. وكل بندقية حفر عليها اسم السلطان ولقبه.
وكان يستخدم جواسيس كثيرين
1
أكفاء، وكان لا يثق بأحد، وكان يقمع كل حركة يشتبه فيها في الحال وبقسوة. وكان كبار موظفي حكومته من المماليك أو من الفور أعضاء البيت الملكي، وكانوا مخلصين له وأكفاء وأمناء. ولم يكن السلطان متعصبا دينيا، وهو مسلم طبعا. ولم يقبل رغبة السنوسي في إنشاء زوايا في دارفور، وكانت سراريه كثيرات، وكانت إرادته كل شيء، وكان مهيبا مطاعا. وقد قتل في سنة 1916 الأمير عرابي دفع الله الذين سلم إليه وخضع له في سنة 1902، وكان قتله بسبب الاشتباه في أنه حاول الاتصال بالحكومة السودانية. وكان حول دارفور في الحد الغربي دويلات المساليت وسولا وتامه يحكمها سلاطين، ولكنها كانت تخضع لدارفور وواداي إذا وجهت إليها قوات منهما.
في سنة 1909 احتل الفرنسيون واداي، ولكنهم اعترفوا بأن دارفور جزء من السودان الإنكليزي المصري. على أن الحدود كانت مبهمة بين واداي ودارفور.
احتل الفرنسيون دارسولا. وأما دار مساليت فقد احتفظت باستقلالها، وهاجمت الفرنسيين سنة 1910.
كان علي بن دينار يحقد على الفرنسيين الذين أصبحوا مجاورين له في واداي.
ولما أعلنت الحرب الكبرى وانضم الإنكليز إلى الفرنسيين كحلفاء، أصبح الإنكليز في نظره خصوما أكبر.
وقد اتصل كل من أنور باشا وأخيه نوري باشا في سنة 1915 بالسلطان علي بن دينار، وحرضه نوري باشا الذي كان يقود جيش السنوسي على الثورة على الإنكليز والحلفاء والانضمام إلى الخليفة في إستانبول. وطمع ابن دينار في أن يكون ملكا على السودان، وأن يبدأ باحتلال كردفان.
وقد شعرت الحكومة السودانية باستعداد ابن دينار. ووجهت إليه حملة بقيادة الليفتنانت كولونيل كيلي، وعددها يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف مقاتل من الجنود السودانية المشاة والهجانة والعرب والسود والطوبجية المصرية وبعض رجال المدفعية الإنكليز ومعهم أربعة مدافع مكسيم. وسارت الحملة إلى الفاشر التي تبعد عن الأبيض بمقدار 400 ميل. وقد ترك السلطان الحملة حتى دخلت حدود دارفور، وتمادت حتى بلغت حدود الفاشر. وقد تبين أن السلطان ومعه ألوف من المقاتلين فكروا في السير إلى جبل مرة. وفي 6 نوفمبر سنة 1916 التقى الميجر هاردستون ببعض رجال علي بن دينار: وقد تبين أن أكثر رجاله قد هجروه فانضم بعضهم إلى الحكومة السودانية والبعض الآخر دخل الكونجو الفرنسية. أما فلول جيشه فقد هجمت عليهم كتيبة من الحملة بغتة ليلا، وأصابت علي بن دينار برصاصة قتلته في الجنوب الغربي لجبل مرة.
Unknown page