Sudan Misri
السودان المصري ومطامع السياسة البريطانية
Genres
هوامش
شركة الذئب والحمل
كيف يحكم السودان على عهد الشركة
اللورد كرزون والوفد السوداني 1919
عرفنا من اتفاق 1899 أن المادة الثالثة تنص على «تفويض الرياسة العليا العسكرية والمدنية في السودان إلى موظف واحد يلقب بحاكم السودان العام، ويكون تعيينه بأمر عال خديوي بناء على طلب حكومة جلالة الملكة ولا يفصل عن وظيفته إلا بأمر عال خديوي يصدر برضاء الحكومة البريطانية.»
فكل ما لمصر من الشركة في تعيين الحاكم العام توقيع الأمر العالي، وأما ترشيح الحاكم وتعيينه وعزله فمن اختصاص حكومة إنكلترا، وحكومة إنكلترا لا تعين حاكما مصريا وهذا الحاكم الإنكليزي قد خول بالمادة الرابعة من الاتفاق المشار إليه سن القوانين وإلغاءها فكل منشور من الحاكم العام هو قانون مسنون، ولقد سئل أحد كبار الإنكليز عن السبب الذي دعاهم يوم إبرام الاتفاق مع مصر إلى استثناء سواكن وترك العلم المصري وحده يخفق فوقها، فأجاب «إن سواكن من السودان هي المحل المعرض للهجوم، فقد تركناها يوم وضع الاتفاق على حالها كما يترك الجريح في ثغرة السور فيحترم المهاجم جراحه وآلامه، أو كما يوضع مستشفى الصليب الأحمر في نقطة ضعيفة من ميدان القتال» ... تلك كانت حجتهم قبل ضم سواكن وإنشاء بورسودان.
ففي يوم توقيع الاتفاق عين اللورد كتشنر حاكما عاما للسودان فأعلن فتح السودان للتجارة في 12 ديسمبر 1899، وخلفه في حكم السودان في 22 ديسمبر 1899 ونجت باشا فأصدر للسودانيين منشورا يعدهم فيه بالإصلاح ويهددهم بالعقاب إذا هم خالفوا القوانين، ثم ألف الحكومة المركزية وجعل كل رجالها من الإنكليز، وعين لكل مديرية مديرا عسكريا إنكليزيا، وعين المصريين مأمورين؛ فظهرت الحكومة السودانية بمظهرها الصحيح أي إنها حكومة إنكليزية بحتة، ولما تعلم بعض السودانيين أنزلوهم في وظائف المأمورية منزلة المصريين وأحلوهم محلهم، وبذلك صحت كلمة اللورد سالسبوري الذي سأله اللورد كمبرلي زعيم المعارضين في جلسة 6 فبراير 1899 «هل السودان صار بالفعل شطرا من الإمبراطورية البريطانية؟» فأجابه: «لقد ينقضي بعض الزمن قبل أن يصير السودان هادئا آمنا كحي بيكاويلي أو بلمول، وأذكر اللورد السائل برجل اشتهر بتاريخ إنكلترا وهو غليوم الفاتح فإنهم لقبوه بالفاتح قبل أن يفتح جميع أقاليم إنكلترا وبلاد الغال.»
كذلك كانت إنكلترا مالكة السودان، وكذلك كان السودان شطرا من الإمبراطورية البريطانية قبل أن يكون لإنكلترا يد عليه وقبل أن تخادع إنكلترا مصر بشأنه.
فقد انفرد الحاكم العام بالحكم فاختار رؤساء الحكومة السودانية جميعا من الإنكليز، وضنوا على المصريين شركائهم بالسودان بمنصب واحد من المناصب العليا، وفي سنة 1910 رأوا أن يؤلفوا للحاكم مجلسا عاما أو مجلس شورى يعاونه بالحكم لاتساع المصالح والأعمال في تلك البلاد، فألفوا هذا المجلس من الإنكليز وحدهم، وإليك نص النظام الذي وضعوه لذلك. «حيث إن الوفاق المعقود في 19 يناير 1899 بين حكومة جلالة المرحومة ملكة الإنكليز وحكومة سمو الجناب العالي الخديوي قد فوض إلى الحاكم العام الرياسة العليا العسكرية والملكية في السودان ومنحه الاختصاصات المبينة فيه، وحيث إنه بمصادقة الحكومتين المشار إليهما قد استصوب إيجاد مجلس يشترك مع الحاكم العام في إجراء ما له من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية؛ فقد صدر الأمر بما هو آت: (1)
يسمى هذا القانون قانون مجلس الحاكم العام سنة 1910. (2)
Unknown page