وسمعت الجداجد تصر في سنديانة الكنيسة، فتذكرت الثرثارين الذين يتكلمون دائما وأبدا ولكنهم لا يقولون شيئا، وحسبهم أن يقال إنهم جداجد.
وعدت إلى غرفتي فرأيت الفراش يحوم حول السراج، فتمثلت أمامي أولئك الذين يطوفون حول الثروة، يجمعون الأموال ملطخة بدماء القلوب والأكباد، يتحينون كل مورد ويلغون فيه ولكنهم لا يروى لهم غليل، فيموتون وقلوبهم محترقة بنار مطامعهم كما احترق ذاك الفراش الطائش.
ولا أدري كيف تذكرت أخيرا ذلك الطائر الأسطوري عائدا إلى وكره، بعدما جاب الفضاء ولم يقع على قوت لأفراخه، فطعن صدره بمنقاره فغذاهم بدمه، فبدت لي صورة الشهيد الذي يجود بنفسه دفاعا عن أمته حين لا يستطيع أن يفتديها بغير مهجته.
وعدت إلى عملي أهمس في آذان الصحيفة المصغية إلى ما يمدني به ذهني، وإذا بمصباحي ينطفئ، قطعت عاصفة مجنونة مجرى النور فرأيتني في ظلمة دامسة فتذكرت كيف يطفئ القدر سرج الأزمنة من مفكرين ومصلحين فلا ينطفئ مصباح حتى يضاء سراج، ولكن الحيوان الكامن في الإنسان لا يفهم إلا لغة غرائزه فهي التي تصمه وتعميه.
وأخيرا أومأ إلي النوم، فعلمت أننا أخيرا كلنا نائمون، وما أحسن العمل بقول شاعرنا الفحل:
تمتع من سهاد أو رقاد
ولا تأمل كرى تحت الرجام
فإن لثالث الحالين معنى
سوى معنى انتباهك والمنام
نماذج شتى
Unknown page