160

Subul Huda

سبل الهدى والرشاد

Investigator

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض

Publisher

دار الكتب العلمية بيروت

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م

Publisher Location

لبنان

قال السهيلي رحمه الله تعالى: كان سطيح جسدًا ملقىً لا جوارح له فيما يذكرون. قال وكذلك شقّ إنما له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة. ويروى عن وهب بن منبه- رحمه الله تعالى- أنه قال: قيل لسطيح: أنّى لك هذا العلم؟ فقال لي صاحب من الجن استمع أخبار السماء من طور سيناء حين كلّم الله تعالى فيه موسى فهو يؤدّي إلي من ذلك ما يؤديه. وولد شقّ وسطيح في اليوم الذي ماتت فيه طريفة الكاهنة [(١)]، ودعت بسطيح قبل أن تموت، فأتيت به فتفلت في فيه وأخبرت أنه سيخلفها في علمها وكهانتها، وكان وجهه في صدره، ولم يكن له رأس ولا عنق. ودعت بشقّ ففعلت به مثل ما فعلت بسطيح ثم ماتت وعمر سطيح زمانًا طويلًا حتى أدرك مولد النبي ﷺ ورأى كسرى أنو شروان. قلت: روى أبو نعيم وابن عساكر عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: خلق الله سطيحًا لحمًا على وضم، وكان يحمل على وضمة فيؤتى به حيث يشاء، ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والعنق والكفيّن. وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوي الثوب، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه. الوضم بفتحتين: كل شيء يحمل عليه اللحم من خشب أو باريّة. وروى ابن عساكر: بلغني أن سطيحًا ولد في أيام سيل العرم وتوفي في العام الذي ولد فيه سيدنا رسول الله ﷺ وإنه عاش خمسمائة سنة. وقيل ثلاثمائة سنة. وروى ابن سعد وأبو نعيم وابن عساكر عن أبي نملة- رحمه الله تعالى- قال: كانت يهود بني قريظة يدرسون ذكر رسول الله ﷺ في كتبهم ويعلّمونه الولدان بصفته واسمه ومهاجره إلى المدينة. فلما ظهر رسول الله ﷺ حسدوه وبغوا وأنكروا [(٢)] . وروى ابن سعد عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- عن أبي بن كعب- رضي الله تعالى عنه- قال: لما قدم تبع المدينة ونزل بقناة بعث إلى أحبار يهود فقال: إني مخرّب هذا البلد. فقال له سامول اليهودي وهو يومئذ أعلمهم: أيها الملك إن هذا البلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل مولده بمكة اسمه أحمد، وهذه دار هجرته، إن منزلك هذا الذي أنت به يكون به من القتلى والجراح أمر يكثر في أصحابه وفي عدوّهم. قال تبّع: ومن يقاتله يومئذ؟ قال: يسير إليه قومه فيقتتلون هاهنا. قال: فأين قبره؟ قال: بهذا البلد. قال: فإذا قوتل لمن تكون الدّبرة؟ قال: تكون مرة له ومرة عليه، وبهذا الذي أنت به

[(١)] طريفة بنت الخير الحميرية: كاهنة يمانية، من الفصيحات البليغات. كانت زوجة للملك عمرو مزيقياء بن ماء السماء الأزدي الكهلاني. قيل إنها تنبأت له بانهيار «السد» فاستعد، هو وقومه، للهجرة. الأعلام ٣/ ٢٢٦. [(٢)] أخرجه ابن سعد في الطبقات ١/ ١٠٤، وأبو نعيم في دلائل النبوة ٤٠.

1 / 120