157

Subul Huda

سبل الهدى والرشاد

Investigator

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض

Publisher

دار الكتب العلمية بيروت

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م

Publisher Location

لبنان

وروى ابن عساكر عن ابن إسحاق- رحمه الله تعالى- قال: إن ربيعة بن نصر الّلخمي رأى رؤيا هالته وفظع بها، فلم يدع كاهنًا ولا ساحرًا ولا عائفًا ولا منجمًا من أهل مملكته إلا جمعه إليه، فقال لهم: إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبروني بتأويلها. قالوا: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها. قال: إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها، إنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها. فقيل له: إن كنت تريد هذا فابعث إلى سطيح [(١)] وشقّ [(٢)]، فإنه ليس أحد أعلم منهما، فهما يخبرانك بما تسأل عنه. فبعث إليهما، فقدم عليه سطيح قبل شقّ، فقال: إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها، فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها. فقال: رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت بأرض تهمة، فأكلت كل ذات جمجمة. فقال الملك: ما أخطأت منها شيئًا يا سطيح، فما عندك في تأويلها؟ فقال: أحلف بما بين الحرّتين من حنش، ليهبطن أرضكم الحبش فليهلكن ما بين أبين إلى جرش. فقال الملك: وأبيك يا سطيح إنّ هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟ أفي زماني أم بعده؟ قال: بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين من السنين. قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين، ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين قال: ومن يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قال: يليه إرم ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك منهم أحدا باليمن: قال أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال بل ينقطع. قال: ومن يقطعه؟ قال: نبيّ زكيّ يأتيه الوحي من قبل العليّ. قال: وممن هذا النبي؟ قال: رجل من بني غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر. قال: وهل للدهر من آخر؟ قال: نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، يسعد به المحسنون ويشقى به المسيئون. قال: أحقّ ما تخبرني به؟ قال: نعم والشفق والغسق، والفلق إذا اتّسق إن ما أنبأتك به لحقّ.

[(١)] ربيع بن ربيعة بن مسعود بن عدي بن الذئب، من بني مازن، من الأزد: كاهن جاهليّ غساني. من المعمرين، يعرف بسطيح. كان العرب يحتكمون إليه ويرضون بقضائه، حتى أن عبد المطلب بن هاشم- على جلالة قدره في أيامه- رضي به حكما بينه وبين جماعة من قيس عيلان، في خلاف على ماء بالطائف، كانوا يقولون إنه لهم. وكان يضرب المثل بجودة رأيه، قال ابن الرومي: «تبدي له سرّ العيون كهانة ... يوحي بها رأي كرأي سطيح» وقال الفيروزآبادي: سطيح، كاهن بني ذئب، ما كان فيه عظم سوى رأسه. وزاد الزبيدي: كان أبدا منبسطا منسطحا على الأرض لا يقدر على قيام ولا قعود، ويقال: كان يطوى كما تطوى الحصيرة ويتكلم بكل أعجوبة. توفي سنة ٥٢ ق. هـ. الأعلام ٣/ ١٤. [(٢)] شق بن صعب بن يشكر بن رهم القسري البجلي الأنماري الأزدي: كاهن جاهلي، من عجائب المخلوقات. وعاش شق إلى ما بعد ولادة النبي ﷺ فيما يقال. وقد عمر طويلا. ويذكرون أنه كان نصف إنسان: له يد واحدة، ورجل واحدة وعين واحدة. وقال ابن حزم إن له نسلا، اشتهر منه في العصر المرواني «خالد» و«أسد» القسريان، وكان أولهما أمير العراقين لهشام بن عبد الملك، والثاني والي خراسان. توفي سنة ٥٥ ق. هـ. الأعلام ٣/ ١٧٠.

1 / 117