Studies in Sufism
دراسات في التصوف
Publisher
دار الإمام المجدد للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Genres
حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، أصحاب الأهل والعيال، وأرباب البيوت والأموال، يبتغون فضلا من الله ورضوانا، اللهم إلا من لم يجد إليها سبيلا، مغلوبا على أمره مقهورا مجبورا، وكان يكد ويجد ويجتهد صابرا شكورا إلى أن يغنيه الرزاق ذو القوة المتين.
خلافا للمتصوفة الذين جعلوا مسلكهم مبنيا على الغلو والتطرف، ومسلكهم على التعنت والتقشف، الذي لم ينزل الله به من سلطان، ولم يأت به في السنة من برهان، مخالفين طريقة نبي الله وصفيه وطريقة أصحابه خيار خلق الله وأوليائه، مخترعين مبتدعين غير مقتدين ولا متبعين، فقالوا: ما أخذنا التصوف عن القيل والقال لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات (١).
وذكروا أن الجوع هو ركن من أركان التصوف وأساس من أسسه فقال قائلهم: " شأن المزيد كثرة الجوع بطريقة الشرعي، وهو معظم أركان الطريق، فكما أن الشارع جعل معظم الحج عرفة، كذلك أهل الله جعلوا الجوع هو الطريق " (٢).
ونقل النفزي الرندي أن الجوع أحد الأركان الأربعة للتصوف، والبقية هي:
الصمت والخلوة والسهر، ومن حصل عليها فقد حصل على كلية الدواء والتحقق بزمرة الأولياء والبدلاء " (٣).
وقال الشعراني: " كل فقير لا يحصل له جوع ولا عري فهو من أبناء الدنيا، ليس له في طريق الفقراء نصيب " (٤).
وعلى ذلك نقل القشيري عن أبي علي الروذباري أنه قال:
" إذا قال الصوفي بعد خمسة أيام: أن جائع فألزموه السوق وأمروه بالكسب " (٥).
وذكر الكمشخانوي عن الجوع أنه أحد أركان المجاهدة، وبسببه تنفجر ينابيع
_________
(١) الرسالة القشيرية ج١ ص ١١٧ بتحقيق عبد الحليم محمود.
(٢) الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية لعبد الوهاب الشعراني ج١ ص ٥٥ ط دار أحياء التراث العربي بغداد.
(٣) انظر غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ج١ ص ٩٢ ط القاهرة.
(٤) الأخلاق المتبولية للشعراني ج٢ ص ٩٤ بتحقيق الدكتور منيع عبد الحليم محمود ط مصر.
(٥) الرسالة القشيرية لعبد الكريم القشيري ج١ ص ٣٧٧.
1 / 28