Studies in Sufism
دراسات في التصوف
Publisher
دار الإمام المجدد للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Genres
هذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية، وأما الإمام ابن الجوزي فأيضًا قد فصل القول في تحريم الغناء والمنع منه مستدلًا من الكتاب والسنة، وذكر في آخر الكلام قول أبي عبد الله بن بطة العكبري قال:
" سألني سائل عن استماع الغناء، فنهيته عن ذلك وأعلمته أنه مما أنكرته العلماء واستحسنه السفهاء، وإنما تفعله طائفة سمّوا بالصوفية، وسماهم المحققون الجبرية، أهل همم دنيئة وشرائع بدعية يظهرون الزهد وكل أسبابهم ظلمة، ويدعون الشوق والمحبة بإسقاط الخوف والرجاء، يسمعونه من الأحداث والنساء ويطربون ويصعقون ويتغاشون ويتماوتون، ويزعمون أن ذلك من شدة حبهم لربهم وشوقهم إليه، تعالى الله عما يقول الجاهلون علوًا كبيرًا " (١).
وقال هو نفسه: " إن الغناء يخرج الإنسان عن الإعتدال ويغيّر العقل، وبيان هذا أن الإنسان إذا طرب فعل ما يستقبحه في حال صحته من غيرة من تحريك رأسه، وتصفيق يديه، ودقّ الأرض برجليه إلى غير ذلك مما يفعله أصحاب العقول السخيفة، والغناء يوجب ذلك بل يقارب فعله فعل الخمر في تغطية العقل، فينبغي أن يقع المنع منه " (٢).
هذا وقد ذمّ الغناء الصوفي المشهور ابن زروق في كتابه (قواعد التصوف) وبيّن مساويه وجعله موجبًا للزنا (٣).
والسهروردي أيضًا قد أحسن وأجاد في هذا حيث كتب:
" وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال: (كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى) وروى عبد الرحمن بن عوف ﵁: أن النبي ﷺ قال: (إنما نهيت عن صوتين فاجرين صوت عند نعمة، وصوت عند مصيبة)، وقد روى عن عثمان ﵁ أنه قال: ما غنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت رسول الله ﷺ، وروى عن عبد الله بن مسعود ﵁ أنه قال:
(١) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص ٢٢٩. (٢) أيضًا. (٣) أنظر قواعد التصوف لابن زروق ص ٧٠.
1 / 200