Studies in Quranic Sciences - Muhammad Bakr Ismail
دراسات في علوم القرآن - محمد بكر إسماعيل
Publisher
دار المنار
Edition Number
الثانية ١٤١٩هـ
Publication Year
١٩٩٩م
Genres
قال الخطَّابي: إنما لم يجمع ﷺ القرآن في المصحف لما كان يترقَّبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلمَّا انقضى نزوله بوفاته، ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك، وفاءً بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق بمشورة عمر"١.
١ الإتقان ج١ ص٢٤٥.
جَمْعُه في عهد الصديق ﵁:
بُويِعَ أبو بكر ﵁ بالخلافة في العام الحادي عشر من الهجرة، فواجه في طريقه مشكلات جسامًا كادت تعوق مسير الدعوة، لولا عناية الله تعالى ورحمته.
كان من أهمها ارتداد كثير من العرب عن الإسلام، وخروجهم على إمام المسلمين، وتجنيد أنفسهم لمحاربته، والقضاء عليه وعلى المسلمين في المدينة وغيرها، فنهض الصديق لقتالهم بكل قوة أودعها الله فيه، وانضوى المسلمون تحت لوائه يقاتلون عدوَّ الله في كل مكان، شعارهم: احرصْ على الموت تُوهَبْ لك الحياة، واستطاع ﵁ أن يُخْضِعَ المرتدين، ويهزمهم شرَّ هزيمة في كثير من المواطن، فحفِظَ بذلك للإسلام عزه ومجده وهيبته، وأنسى أولئك المرتدين وساوس أنفسهم وشياطينهم.
غير أن كثير من قراء القرآن قد قُتِلُوا في هذه المعارك، فخاف عمر بن الخطاب ﵁ أن يضيع شيء من كتاب الله ﷿، فأشار على أبي بكر بجمع القرآن كله مرتَّب الآيات والسور في كتاب جامع يرجع إليه المسلمون عند الاختلاف، فاستخار أبو بكر ﵁ ربه بعد أناة وروية، فشرح الله صدره لذلك، فأرسل إلى زيد بن ثابت يعرض عليه هذا الأمر، ويكلفه القيام به.
روى البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت قال: "أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ١ بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحرَّ التقل بالقراء
١ استحرَّ: أي اشتد.
1 / 103