وعبد الرحمن بن ملجم المرادي، قاتل عليّ، كان مع عليّ في صفّين، ثمّ كان منه ما كان، وفعل ما فعل، فعليه من الله ما يستحقّ!
عليّ ﵁ شذرات من مناقبه
عليّ بن أبي طالب القُرشيّ الهاشميّ، أبو الحسن، جَمُّ المناقب، وُلِد قبل البعثة بعشر سنين، وتربّى في حجر النَّبيِّ ﷺ ولم يفارقه، وشهد معه المشاهد كلّها إلاّ غزوة تبوك فقد استخلفه (^١) ﷺ في المدينة، وقد ثبت في الصّحيحين أنّ النَّبيَّ ﷺ قال له بسبب ذلك: " أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى " (^٢).
وقد استدلّ أقوام بهذا الحديث على إثبات الخلافة لعليّ واستحقاقه لها بعد النَّبيِّ ﷺ دون غيره من سائر الصّحابة، ولا حجّة لهم في هذا الحديث في إثبات شيء من هذا، لأنّ هارون المشبّه به كان خليفة لموسى ﵇ في حياته لا بعد مماته، فقد مات هارون قبل موسى بسنين مددًا باتّفاق، وإنّما قال له ﷺ ذلك بعد أن كره عليّ أنْ يخلف النَّبيَّ في النّساء والصّبيان، وقال ﵁ للنَّبيِّ ﷺ: " تخلّفني في النّساء والصّبيان؟! فقال ﷺ: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي " (^٣).
والحديث ليس فيه إلاّ مَنقبةٌ لعليّ ﵁ فقد جعله بمنزلة هارون من موسى في الخلافة في حياته. وقد وَلَّد المولّدون لعليّ ﵁ من المناقب ما هو في غنى عنها، وأوَّلوا ما صحّ من مناقبه تأويلًا غير سائغ خالفوا فيه الكتاب والسّنّة وإجماع الأمّة.
وقد صحَّ إيماء النَّبيِّ ﷺ إلى خلافة أبي بكر في غير حديث، منها ما رواه الحاكم عن
(^١) استخلفه: أي خلَّفه على المدينة ليدير شؤون النّاس.
(^٢) البخاري " صحيح البخاريّ " (م ٢/ج ٤/ص ٢٠٨) كتاب أحاديث الأنبياء، ومسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٨/ج ١٥/ص ١٧٥) كتاب فضائل الصّحابة.
(^٣) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٨/ج ١٥/ص ١٧٥) كتاب فضائل الصّحابة.