199

Waʾd al-fitna: dirāsa naqdiyya li-shubahāt al-marjifīn wa-fitnat al-Jamal wa-Ṣiffīn ʿalā manhaj al-muḥaddithīn

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

Publisher

دار عمار للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Publisher Location

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

Genres

وقال ابن خلدون: " ... فكثيرًا ما يوجد في كلام المؤرّخين أخبار فيها مطاعن وشُبَه في حقّهم أكثرها من أهل الأهواء فلا ينبغي أن تسوّد فيها الصّحف " (^١).
الدّليل على أنّ الخلاف لم يكن على الملك كما زعموا
قال ابن خلدون: " كان طريقهم فيها الحقّ والاجتهاد ولم يكونوا في محاربتهم لغرض دنيويّ أو لإيثار باطل أو لاستشعار حقد كما قد يتوهّمه متوهّمٌ وينزع إليه مُلحد، وإنّما اختلف اجتهادُهم في الحقّ فاقتتلوا عليه " (^٢).
وقال ابن حزم: " كانوا عددًا ضخمًا جمًّا لا طاقة له عليهم، فقد سقط عن عليّ ﵁ ما لا يستطيع عليه، كما سقط عنه وعن كلّ مسلم ما عجز عنه من قيام بالصّلاة، والصّوم، والحجّ، ولا فرق، قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ... (٢٨٦)﴾ [البقرة] " (^٣).
قلت: ومّما يشهد أنّ الخلاف لم يكن على الملك كما يُصَوِّرُ المبطلون ما أخرجه يحيى بن سليمان الجعفي بسند جيّد عن يعلى بن عُبيد، عن أبيه، قال: " جاء أبو مسلم الخولاني وأناسٌ إلى معاوية، وقالوا: أنتَ تنازعُ عليًّا، أم أنتَ مثلُه؟ فقال: لا والله، إنّي لأعلمُ أنّهُ أفضلُ منّي وأحقُّ بالأمر منّي، ولكن ألستم تعلمونَ أنّ عثمان قُتِلَ مظلومًا، وأنا ابن عمّه، والطّالب بدمه، فَأْتُوه، فقولوا له، فليدْفَعْ إليّ قَتلةَ عُثمان وَأُسلم له، فَأتوا عليًّا، فكلّموه، فلمْ يدفعْهم إليه " (^٤).
وكلّ الأخبار الّتي تصوّر عمرًا ومعاوية ﵄ أنّهما كانا يريدان الدّنيا

(^١) ابن خلدون " تاريخ ابن خلدون " (م ٢/ص ١٨٨).
(^٢) ابن خلدون " مقدّمة ابن خلدون " (ص ٢٢٧).
(^٣) ابن حزم " الفصل " (ج ٣/ص ٨٧).
(^٤) الذّهبي " سير أعلام النّبلاء " (ج ٣/ص ١٤٠) وقال المحقّق: رجاله ثقات.

1 / 200