Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Genres
وخلاصة هذا الدليل:
أنه لو فُرِض أن الله – جل وعلا – خالقًا، فسيعاد السؤال: من خلق ذلك الخالق أيضًا؟ وهكذا كلما يقدر وجود خالق خلق من قبله، يقال أيضًا: من خلقه؟ وذلك مالا نهاية له، وهو مستحيل، لأن الممكنات بأسرها لابد لها من موجود واجب الوجود، غني بذاته، رجح أحد الاحتمالين في حقها: الوجود أو العدم على الآخر، وذلك هو الله رب العالمين، لم يكن قبله شيء، وخلق كل شيء.
الثاني: الدور القُبْلي السَّبْقي ممتنع أيضًا باتفاق العقلاء، وهو: توقف الشيء على ما توقف عليه، مثل أن يقال: لا يكون هذا إلا بعد هذا، ولا هذا إلا بعد هذا، أي: لو فرضنا أن زيدًا أوجد عمرًا، وأن عمرًا أوجد زيدًا، لزم أن زيدًا مُتقدِم على نفسه متأخر عنها، وأن عمرًا كذلك، وكون الشيء سابقًا على نفسه مسبوقًا بها مستحيل، فلو فُرِض أن الله – جل وعلا – خلقه خالق، وذلك الخالق إن عاد أمرُ خلقه إلى الله فهذا هو الدور حيث رجع إلى مبدئه وهو مستحيل، وإن عاد أمر خلقِه إلى غير الله واستمر هكذا إلى مالا نهاية فهذا هو التسلسل، وهو مستحيل أيضًا كما عرفت (١) .
... وبالختام: فتلك الشبهة باطلة من أساسها عند الأنام، ولا يختلف في ذلك عاقلان؛ لاستلزامها للدور والتسلسل وهما باطلان، فالعلم بانتهاء الموجودات إلى موجود واجب الوجود لذاته مركوز في فطرة الإنسان، وقامت على ذلك الحجة والبرهان، وأوجبته عقول الإنس والجان.
(١) انظر إيضاح هذا، وتقريره في منهاج السنة النبوية: (١/١٦٣)، ومجموع الفتاوى: (٨/١٥٣)، والتعريفات: (٩٣)، وتحفة المريد: (١/٤٨)، وحاشية الأمير: (٥٧-٥٨) .
1 / 78