Dhūʾl-iḥtiyājāt al-khāṣṣa fī ḍawʾ al-Qurʾān waʾl-Sunna
ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة
Genres
ثم هاجر إِلَى النَّبِيّ ﷺ وشهد معه فتح مكة، وانقطعت الهجرة، وشهد حنينًا، وثبت مع رسول الله ﷺ لما انهزم الناس بحنين، وكان رسول الله ﷺ يُعظمه، ويُكَرمه بعد إسلامه، وكان وصولًا لأرحام قريش، محسنا إليهم، ذا رأي سديد وعقل غزير، وكان الصحابة يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه، وكفاه شرفًا وفضلًا أَنَّهُ كان يُعَزّى بالنبي ﷺ لما مات، ولم يخلف من عصباته أقرب منه، وأَضر العباس في آخر عمره. (١)
قال صفي الدين: العباس ﵁ له خمسة وثلاثون حديثا، اتفقَ البخاري ومسلم على حَدِيث وانفرد البخاري بحديث ومسلم بثلاثة، روَى عنهُ بنوه عبد الله وَكثير وَعبيد الله وعامر بن سعد، مات سنة اثنتين وثلاثين عن ثمان وثمانين سنة، وصلى عليه عثمان ودفن في البقيع ﵁. (٢)
فائدة:
من ابتُلي في أعضائه أو حواسه، فلا يظن أن غضبًا نزل به، فالعباس ﵁ من آل البيت وعم رسول الله ﷺ ومع ذلك ابتُلي في بصره.
١٢. عبد الله بن عباس ﵁ "أصيب بالعمى":
هو عبد الله بن عباس، ابن عم رسول الله ﷺ، صحابي جليل من آل البيت، كني بابنه العباس، وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة، وترجمان القرآن، وُلِد والنبي ﷺ وأهل بيته بالشعب في مكة، فأتي به الى النبي ﷺ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له النبي ﷺ مرتين.
فعن ابن عباس ﵁ قال: (ضمني النبي ﷺ إلى صدره، وقال: اللهم علمه الحكمة). (٣)
وعن ابن عباس ﵁، قال: (كان في بيت ميمونة، فوضعت له وضوءا من الليل، فقالت له ميمونة: وضع لك هذا عبد الله بن عباس. فقال: اللهم فقه في الدين، وعلمه التأويل). (٤)
فكان حكيما فقيها سديد الرأي، لذا كان يلجأ اليه أمير المؤمنين عُمر ﵁ إذا جاءته القضايا المعضلة، فيقول لابن عباس: " إنها قد طرأت لنا أقضية وعضل، فأنت لها ولأمثالها، ثم يأخذ بقوله، وما كان يدعو لذلك أحدا سواه".
(١) - انظر؛ ابن الأثير، اسد الغابة، ج ٣، ص ١٦٣.
(٢) - انظر؛ صفي الدين، خلاصة تهذيب تهذيب الكمال، ص ١٨٩.
(٣) - البخاري، صحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي ﷺ، بَابُ ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، ج ٥، ص ٢٧، حديث رقم ٣٧٥٦.
(٤) - احمد بن حنبل، مسند احمد، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، ج ٥، ص ٢١٥، حديث رقم ٣١٠١، حكم الأرنؤوط إسناده صحيح على شرط مسلم.
1 / 140