253

الفصل التاسع والآربعون

في إجابة المتظلمين وقضاء مطالبهم وإنصافهم

يغص القصر دائما بالمتظلمين الذين لا يغادرونه قبل أن يتسلموا أجوبة شكاياتهم ان هذا قد يبعث كل رسول أو غريب يفد إليه على الظن حين يسمع صراخ المتجمعين وجلبتهم بان ظلما عظيما ينزل بالناس فحتى يوصد الباب دون هذا الظن ينبغي أن تجمع شكاوى أهل كل مدينة وناحية من الحاضرين على حدة وتوضع في مكان واحد ثم يأتي خمسة منهم إلى القصر لبيان أمرهم وعرض أحوالهم ويتلقون الجواب ويتسلمون الحكم ويعودون حالا وهذه هي السبيل للقضاء على الجلبة والضوضاء والصراخ التي لا أساس لها

كتاب يزدجرد إلى عمر وجوابه عنه

يروى أن الملك يزدجرد أرسل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسولا يقول ليس في العالم اليوم مملكة أكثر سكانا من مملكتنا وخزانة أعمر من خزانتنا وجيش اكثر من جيشنا وليس لأحد من الة وعدة

فأجابه عمر أجل إن مملكتك مكتظة لكن بالمتظلمين وإن خزانتك مترعة لكن بالمال الحرام وأن جيشك كثير لكنه شاق عصا الطاعة وإذا ما دالت الدولة فإن الالة والعدة لا يغنيان فتيلا ان في هذا كله لدليلا على انحطاط دولتكم وقرب زوال ملككم وهكذا كان

إن الطريقة الأمثل أن يبدأ سيد العالم خلد الله ملكه بالإنتصاف من نفسه حتى يصير الجميع منصفين ويقطعوا دابر الطمع مما هو محال وغير حق مثلما فعل السلطان محمود

Page 295