وهم بضعة عشر ذكرًا (^١) ليس فيهم بالغ ــ فلما رآهم ذرفت عيناه، ثم قال: يا بني والله ما منعتكم حقًّا هو لكم، ولم أكن بالذي آخذ أموالَ الناس فأدفعها إليكم، وإنما أنتم أحد رجلين: إما صالح فالله يتولَّى الصالحين، وإما غير صالح فلا أخَلِّف له ما يستعين به على معصية الله، قوموا عني (^٢).
قال: فلقد رأيت بعضَ ولده حَمَل على مئة فرس في سبيل الله. يعني: أعطاها لمن يغزو عليها.
قلت: هذا وقد كان خليفةَ المسلمين من أقصى المشرق ببلاد الترك إلى أقصى المغرب بالأندلس وغيرها، ومن جزيرة قبرص وثغور الشام والعواصم كطرسوس ونحوها إلى أقصى [أ/ق ٤] اليمن. وإنما أخذ كل واحد من أولاده من ماله (^٣) شيئًا يسيرًا يقال: أقل من عشرين درهمًا.
قال: وحضرتُ بعض الخلفاء وقد اقتسم تركته بنوه، فأخذ كل واحد منهم ستمئة ألف دينار. ولقد رأيت بعضهم يتكَفَّفُ الناس ــ أي: يسألهم بكفه ــ. وفي هذا الباب من الحكايات (^٤) والوقائع المشاهدة في هذا الزمن، والمسموعة عما قبله، ما فيه عبرة (^٥) لكل ذي لب.
_________
(^١) (ي): «رجلًا ذكرًا».
(^٢) أخرجه القصة بنحوها البسوي في «المعرفة والتاريخ»: (١/ ١٤٧، ١٣٧)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»: (٢٥/ ٢٧٢، ٤٥/ ٢٥٢)، وابن الجوزي في «سيرة عمر بن عبد العزيز» (ص ٣٢٠)، وأخرجها ابن سعد: (٧/ ٣٩٣) مختصرة.
(^٣) (ف، ي، ظ، ز): «تَرِكَته»، وسقطت من (ل، ب).
(^٤) ليست في الأصل.
(^٥) (ف، ي): «عبر».
1 / 11