ذلك من الأسباب، أو لِضِغَنٍ في قلبه على الأحق، أو عداوة بينهما= فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، ودخل فيما نُهي عنه في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ثم قال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال: ٢٧ - ٢٨].
فإن الرجل لحبه لولده أو لعتيقه، قد يؤثره في بعض الولايات، أو يعطيه ما لا يستحقه، فيكون قد خان أمانته، وكذلك قد يؤثر زيادةَ ماله أو حفظه (^١) بأخذ ما لا يستحقه، أو محاباة من يداهنه في بعض الولايات، فيكون قد خان الله والرسول وأمانته (^٢).
ثم إن المؤدي للأمانة ــ مع مخالفة هواه ــ يُثيبُه (^٣) الله فيحفظه في أهله وماله بعده. والمطيع لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده فيُذِلُّ أهلَه ويُذهِب مالَه.
وفي ذلك الحكاية المشهورة: أن بعض خلفاء بني العباس سأل بعض العلماء أن يحدثه عن بعض ما أدرك، فقال: أدركت عمر بن عبد العزيز وقد قيل له: يا أمير المؤمنين أفرغت (^٤) أفواه بنيك من هذا المال، وتركتهم فقراء لا شيء لهم (^٥) ــ وكان في مرض موته ــ فقال: أدخلوهم عليَّ، فأدخلوهم ــ
_________
(^١) في بعض النسخ: «يورث زيادة ...»، و(ي): «زيادة حفظه أو ماله». وفي المطبوعة مع شرح العثيمين: «زيادة حظه» ولم يشر إلى مصدر التغيير.
(^٢) بقية النسخ: «وخان أمانته».
(^٣) أكثر النسخ: «يثبته» والمثبت من (ظ) وهو المناسب للسياق.
(^٤) (ف، ي، ظ، ز): «أفغرت»، وفي (ل): «أفقرت».
(^٥) سقطت من الأصل.
1 / 10