Siyar Malahim Shacbiyya Wa Carabiyya
السير والملاحم الشعبية العربية
Genres
عادة يكون حصاد الإهمال الذي يعانيه تراثنا الشعبي الفولكلوري العربي عامة، هو أن تجني أجيالنا المتعاصرة من دارسين وباحثين الأشلاء من ذرى وعيون نصوص إرثنا هذا من السير والملاحم العربية.
من ذلك ما يمكن أن يصادفه باحث اليوم في حقل السير والملاحم العربية كظاهرة حول كم أو حجم التهافت الذي اعترى الكثير من النصوص والمفضي إلى التآكل الذي لا بد وأن ينتهي بالاندثار.
ونسوق عبر هذا الباب بضعة نماذج وأمثلة من بقايا أشلاء لنصوص، أفضى عدم الاهتمام بها إلى زوايا النسيان والاندثار.
أهم هذه النصوص بالطبع: ملحمة جلجاميش العراقية أعرق ملاحم العالم القديم، التي ظلت ماثلة متواترة التواجد إلى حد ذكرها باسمها العربي «قلقامش» لدى الدارسين الكلاسيكيين العرب حتى مطلع العصور الوسطى، إلى أن خفت تواجدها ذاك مع توالي العصور، فلم يعد إليها الاعتبار سوى اكتشاف نصوصها الحفرية من جانب الأركيولجيين الغربيين منذ مطلع قرننا الحالي.
ومن ذلك ملحمة طرد الهكسوس التي أنشدها المصريون منذ 35 قرنا، وعثر على بعض متفرقات نصوصها، تدرس لطلبة المدارس على ألواح الطين والأرتواز والآجر.
ولعلنا نكتفي بإيراد بضعة نماذج متفردة لأشلاء نصوص لسير وملاحم نتعارف عليها بالمندثرة، نجري تحقيق عناصرها وموضوعاتها أو موتيفاتها؛ منها: سيرة عن يعرب بن قحطان - أول من تكلم العربية - والضحاك الحميري، التي تحكي وتؤرخ لكيانات الخليج العربي الغابرة، وعبيد الغالبة والملك معروف ووزيره البين وابنه الشاطر حجازي، عبر صفحات هذا الباب. (1) الملك معروف
بالادا أو باليانا - كما يطلق عليها داخل رقعة الفولكلور الروسي - أي قصة يتعاقب فيها الشعر والنثر، باسم «الملك معروف» تتناول حياة ملك طوباوي، أو اشتراكي خيالي، من اسمه تواترت تعبيرات المعروف وإتيانه.
لكني أرجح أنها سيرة متآكلة، أو مندثرة أو مهملة، ضاع جسمها الأكبر وتلاشى في النسيان من الذاكرة الفولكلورية، بل وما أكثر ما ضاع واندثر من هذه الذاكرة الجمعية العربية من آلاف مؤلفة من النصوص.
ذلك أني حاولت - بالقدر المتاح - تعقبها وجمع مأثوراتها سواء في ثنايا الحكايات الفولكلورية، خاصة شقها الخرافي، أو الموال الشعري الأحمر، ذو الصبغة الجنائزية، حين يستشهد بفضائل ذلك الملك معروف ومدى عطائه لشعبه وأمته، وينسب له هذا المأثور الشعري:
أنا الذي درت في الدنيا وقلت حغيرها
Unknown page