Siyar Malahim Shacbiyya Wa Carabiyya
السير والملاحم الشعبية العربية
Genres
فيلاحظ هنا، أنه بالنسبة للكوزمولوجي السامي - أو نسق القرابة - تبدأ شجرة العائلة، منذ آدم حتى تارح - الذي يجمع الكثيرون على أنه طوطم سلف - ونوح، منسقا ومقربا بين حضارات النسل السامي، وخارجه مثل عيلام أبو العيلاميين، وكأشور، وآرام، وابنا عامر فالح وأخيه يقطان، الذي هو بذاته قحطان أبو العرب اليمنيين القحطانيين ملوك دول سبأ ومعين وابنه حضرموت.
وقحطان طبعا ما يزال يتردد إلى اليوم، وإليه ينسب عديد من القبائل العربية سواء في اليمن والجنوب العربي، أو في بقية أقطار عالمنا العربي المعاصر.
بل لقد ظل نسق القرابة متواصلا داخل التراث العربي متواترا، ويصر على تدعيمه وإحيائه كثير من القبائل العربية الحاكمة، خاصة في الكويت والسعودية واليمن والجنوب العربي.
ومرة ثانية من مدخل تنشيط دراسات نسق القرابة وعلى مستوى بلداننا العربية بهدف استيضاح البنيان الطبقي والقبلي، لا بهدف التأصيل العنصري المفضي بالضرورة إلى الفاشية؛ ستوقفنا مثل هذه الدراسات على واقع بنياننا السكاني.
فليكن الهدف هنا هو الدخول إلى أحد ميادين العصر الكبيرة، وهو ميدان الاتصال.
ولعل الملمح الأساسي لتقدم الأنثروبولوجيا الاجتماعية منذ القرن الماضي، كان زيادة الانتباه إلى البناء أو النسق القرابي، ويرجع هذا التقدم إلى عبقرية لويس مورجان في كتابه الرائد في هذا الميدان عن «أنساق روابط الدم والمصاهرة في العائلة الإنسانية» عام 1871، وساهمت هذه الدراسة في وضع أسس الدراسات الأنثروبولوجية والقرابية، إلى أن اكتملت هذه الدراسات في علوم الاتصال، ثم ما تلا ذلك من جهود العلماء الاجتماعيين في هذا المجال البكر، مثل لوفي عام 1948، ومردوك عام 1949، وسبوشر عام 1950، ودراسة العالمين الكبيرين راد كليف براون، وفورد، وجميعها بالطبع تعتمد اعتمادا كبيرا على الدراسات الميدانية؛ أي التوسع في جمع المعلومات والبيانات، وهو ما نطالب به، بالنسبة لقيام مثل هذه البحوث في مصر والعالم العربي، على أن تجيء مثل هذه الدراسات مستهدية ومرتكزة على الجهود الضخمة التي بذلت منذ مطلع هذا القرن، والتي يرى ليفي شتراوس أنها لم تثمر كما يجب رغم غزارة مواردها وبياناتها الأنثوجرافية المتصلة باختيارات الزواج، وأنماطه من داخلي وخارجي ومن أبوي وأمومي، بالإضافة إلى كيفية تنظيم العائلات والعشائر والقبائل وبقية النظم والمعتقدات الطقسية والدينية واللغوية، بل ويمكن القول بأنه حتى لعب الأولاد ، أو نظرية الألعاب التي كان كروبير أول من لفت الأنظار إلى أهميتها عام 1942 فساعد في إيضاح النسق القرابي.
ومن المفيد الإشادة بالدور الذي أصبحت تلعبه بعض الدراسات الميدانية، في التبصير بأهمية جمع ودراسة لعب الأطفال في بعض بلدان العالم العربي، مثل العراق والكويت.
وقد يكون للدور الكبير الذي لعبه راد كليف براون بشكل خاص بالنسبة للدراسات البنائية في عمومها، وبالنسبة للنسق القرابي خاصة، أهمية جديرة بالتوقف عندها؛ ففي دراسته الميدانية ومنهجه في التصنيف بالنسبة لنظم القرابة في أستراليا، أو في اكتشافه للقوانين المتحكمة في نظام القرابة عند قبائل كاييرا، والتي - كما يقول شتراوس: «ستبقى إلى الأبد واحدا من أعظم النتائج في الدراسات الاجتماعية البنائية 1930-1931.» كما تعتبر مقدمته الرائعة لكتاب «أنساق القرابة والزواج في أفريقيا» خطوة متقدمة نحو إخضاع نظم القرابة في العالم الغربي، لنظرية عامة في التأويل على مستوى عالمي. كذلك دراساته المتفرقة على مصطلحات القرابة وسلوك الأقرباء: السلوك المصاحب لأطوار العمر الثلاثة من ولادة وموت وزواج. كيف تتصرف الأم والأعمام والخالات خلال زواج ابنة أو طلاقها، أو موتها أو حملها ... إلخ.
السلوك المصاحب لعادات الاقتتال والثأر، أو المصاحب لتصرفات الأسرة أو العشيرة في حالات مولد الإناث والذكور.
ففي أهمية دراسة السلوك داخل النسق القرابي - كما يقول «لوي» - ما يشير ويكشف عن جوهر النسج الاجتماعي، مثل ملاحظة ظواهر التزاوج الخارجي الأكسو-سامي، وارتباطه من جانب آخر بظواهر وسمات محددة، مثل تأثير مكان الإقامة أو الحقل الميداني موضوع الدراسات سواء قرية أو مدينة، أو كانت بيئته بدوية أو زراعية على البنوة، وعلى عادات المباح والمحظور من التزاوج والعلاقات الجنسية.
Unknown page