Siyar Malahim Shacbiyya Wa Carabiyya
السير والملاحم الشعبية العربية
Genres
فمن حمير ملوك بني قضاعة، وبني كلب بن مرة، وهم الكلبيون أو التغلبيون، سكان الثغور الفلسطينيين، والذي ينتمي إليهم بطلا سيرتنا، كليب وأخوه المنتقم لاغتياله الزير سالم.
أما من كهلان فقد انحدرت سبعة بطون، تضخمت إلى قبائل وحضارات كبيرة فيما بعد، وهم طيئ ومذحج وهمدان وكندة، ومراد، وأنمار، وكذلك انحدرت منهم قبيلتا الأوس والخزرج، ملوك يثرب، ومنهم أيضا انحدرت قبائل خزاعة، سدنة أو كهنة الكعبة فيما قبل الإسلام.
فقبل أن نستطرد في التعريف بهذه السيرة العربية، التي تؤرخ لحروب وهجرات قبائلية، قادها التبع حسان اليماني؛ من المفيد التعرض بالتعريف للصراع الأزلي القبلي، بين كلا عرب الجنوب القحطانيين اليمنيين، ومنازعيهم العدنانيين القيسيين، ومنزلهم الشام والحجاز ونجد والعراق، وهم بدورهم ينقسمون إلى فرعين عظيمين هما، بنو ربيعة، وفارسهم هنا هو بطل سيرتنا هذه الزير سالم «أبو ليلى المهلهل بن ربيعة» ويعرفون أيضا بالتغلبيين أو بني تغلب، أما الفرع الثاني فهو بنو مرة؛ أي بكر، وكلاهما يمتد نسبه إلى وائل، فهم - إذن - أبناؤه، أو أن الملك ربيعة كان أخا للأميرة مرة، كما يذكر راوي السيرة وتحفظ لنا السيرة بدورها.
قال الراوي: «وكان ربيعة في ذلك الزمان من كبار أمراء العربان وكان أخوه مرة من الأمراء والأعيان، وكانت منازلهم في أطراف بلاد الشام، وكانا يحكمان على قبيلتين من العرب هما بكر وتغلب، وولد لربيعة خمسة أولاد مثل الأقمار، وهم: كليب، الأسد الكرار، وسالم، البطل الشهير الملقب بالزير، وعدي ودرعان، وغيرهم من الشجعان.
كما كان لربيعة بنت جميلة الطباع تعارك الأسود والسباع، اسمها أسمى وتلقب بضباع.
وأما أخوه الأمير مرة فله بدوره عدة أبناء شجعان منهم: همام وسلطان وجساس، وبنت نبيلة يقال لها «الجليلة»، وكعادة الزواج القبائلي المتبادل بين أبناء العمومة، تزوج الأمير كليب الجليلة وتزوج الأمير همام بأخته «الضباع».
إلى أن يقع الغزو عن طريق الحصار البحري الذي قاده التبع حسان اليماني لساحل الشام ولبنان وفلسطين على غرار الحصار الطروادي، إلى أن فتحها منصبا نفسه بتجبر كمستبد عادل، والذي تنسب له الملحمة أنه كان شديد البأس، مهيب القامة، لا يعرف الحلال من الحرام، لا يحفظ العهد والذمام، وكان يحب النساء الملاح، والمزاح، وفي كل ليلة يتزوج بصبية من أبناء الملوك، ويشرب المدام في الليل والنهار.
وذات يوم سأل وزيره «نبهان»، هل يوجد من هو أعظم مني على الأرض؟ فأجابه الوزير: «يوجد خارج البحار عرب من أهل الشجاعة، يقال لهم بنو قيس، وهم من أولاد مضر، وديارهم بالشام وفلسطين.»
فما أن سمع الملك حسان أن للأميرة مرة - واليه على بيروت والبقاع - بنتا فاضلة جميلة تدعى الجليلة، مخطوبة لابن عمها كليب بن ربيعة الذي سبق له؛ أي الملك حسان قتل والده الملك ربيعة؛ حتى رغب في الزواج منها.
وهنا أسقط في يد الحبيب - أو الخطيب - القيس «كليب»، إلى أن نصحه أحد الكهان «العابد نعمان» أن يلجأ إلى الحيلة والاغتيال، فيتظاهر بالرضا متخفيا في زي مهرج أو بهلول الأمير جليلة، حتى ينفذ إلى القصر برفقة مائة فارس مختبئين داخل صناديق جهازها وكنوزها، فجعل بكل صندوق طابقين، طابق يحتوي كنوز الجليلة أو الزوجة - المخطوفة أو المغتصبة - وطابق اختفى فيه فارس شجاع بكامل سلاحه وعدته.»
Unknown page