Siyar Malahim Shacbiyya Wa Carabiyya
السير والملاحم الشعبية العربية
Genres
طب عليه جرحى
دانا جرحى حير
جميع الطب والأسحار
والملفت أن المهلهل أو الزير سالم، لم يتبد أبدا في موقف سلطوي أو متسلط، باستثناء حروبه ومنازلاته، وتجبره القبلي الانتقامي، وتعشقه الدموي بالحرب وأخذ الثأر، حتى إن الزير سالم قطع على نفسه أن «لا يهم بصلح ولا يشرب خمرا ولا يلهو بلهو ولا يحل لأمته؛ أي ما يربط أو يلأم درعه الحديدي، ولا يغتسل بماء، حتى كان جليسه يتأذى منه من رائحة صدأ الحديد.»
كل هذه المحرمات واللاءات إلى أن يحقق انتقامه، من مغتالي أخيه كليب، وقبيلته.
فكان لا ينسى القتال لومضة، حتى إنه عندما انكسر الكلبيون أو التغلبيون بقيادته ذات غزو، وأحاط بالمهلهل عقب عودته من الحرب النساء والأبناء يسألونه عن آبائهم، قال مترفعا قولته المأثورة:
ليس مثلي يخبر الناس عن
آبائهم قتلوا، وينسى القتالا
وإذا ما تجاوزنا دوره القتالي القبلي؛ نجد مواقف الزير سالم وعلاقاته عادة أقرب إلى بسطاء الناس، في كلا منبته ومنفاه الاختياري بوادي بير سبع بفلسطين، فحتى عندما توسل إليه أخوه الملك كليب، حين زاره ببير سبع وطالبه بالعوده معه إلى دمشق عاصمة ملكه المتناهي «من مكة لأرض الروم» لينصبه ملكا على العرب، رفض الزير سالم الملك وحتى بعد مصرع كليب، ظل طويلا يبكيه وينعيه في واديه الانعزالي الموحش؛ يسكر عن أحزانه، إلى أن هاجمه قومه وبنات كليب بريادة اليمامة، وانتزعوه انتزاعا من منفاه ببئر سبع، وعادوا به إلى عاصمة ملكه الجديد، دمشق.
بل وحتى عندما أجبروه، على قبول الملك والجلوس على عرش الإمبراطور اليماني التبع حسان، الذي ورثه أخوه كليب بالمؤامرة والمكيدة الطروادية؛ ظل الزير سالم كما هو فلم يغيره ملك، بل هو ظل أقرب في كل حالاته إلى بسطاء الناس، من مهانين ومضطهدين.
Unknown page