أصحاب مكر فلا تتفرقوا عن إمامكم فما زالوا به حتى أذن لهم بالرجوع فلما رجعت عيون ابن الأشعث اليه وأخبروه بتفرق أصحاب أبي الخطاب طوى المراحل ليلا ونهار ولم يشعر أبو الخطاب الا وقد دخلوا طرابلس فقال لا يسعني في ديني أن أقعد عن دفاع العدو عن رعيتي فخرج في قلة وكانوا أهل بصائر وقد كانوا اشاروا عليه أن يقيم حتى تجتمع عليه جنوده الذين تفرقوا فابى عليهم يرى أن ذلك لا يسعه في الدين فلقى ابن الأشعث بتورغا وكان معه نفوسة وهوارة وطريشة أعنى من قرب من المدينة منهم وقد سبقه ابن الأشعث إلى الماء وقال لأصحابه أن أستقى أبو الخطاب وأستراح هو وأصحابه لا تطيقون لقاءهم ولا تقدرون لهم على شيء وأنتم الآن أقدر عليهم مع التعب والجوع والعطش وأصحاب أبي الخطاب تاقت نفوسهم إلى الجهاد وملاقاة الأعداء ومجالدة الأقران وكان بينهم قتال شديد وصبر أبو الخطاب في قلته حتى من الفريقين بشر كثير فابى أبو الخطاب وأصحابه من الانهزام حتى استشهدوا رحمهم الله تعالى وهم أثنا عشر الفا وقيل أربعة عشر وتتبع عدو الله المسلمين في الجبال فتعلقوا في الجبال والقلاع وأدرك عبد الرحمن بن رستم وهو بمن معه من أهل افريقية بقابس وتفرق أصحابه وذهب وهو مستخف حتى دخل مدينة القيروان فلما بلغ أهل القيروان موت أبي الخطاب قاموا على عامله وأوثقوه
Page 132