Ṣiyānat al-insān ʿan waswasat al-shaykh Daḥlān
صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
Publisher
المطبعة السلفية
Edition
الثالثة
Publisher Location
ومكتبتها
Genres
Creeds and Sects
قوله: وأما الفرق بين الحي والميت كما يفهم من كلام المانعين للتوسل فإن كلامهم يفيد أنهم يعتقدون أن الحي يقدر على بعض الأشياء دون الميت، فكأنهم يعتقدون أن العبد يخلق أفعال نفسه، فهو مذهب باطل، والدليل على أن هذا من اعتقادهم أنهم يقولون إذا نودي الحي وطلب منه ما يقدر عليه فلا ضرر في ذلك، وأما الميت فإنه لا يقدر على شيء أصلًا، وأما أهل السنة فإنهم يقولون الحي لا يقدر على شيء كما أن الميت كذلك لا يقدر، والقادر حقيقة هو الله تعالى، والعبد ليس له إلا الكسب الظاهري باعتبار الحي، والكسب الباطني باعتبار التبرك بذكر اسم النبي ﷺ وغيره من الأخيار وتشفعهم في ذلك.
أقول: هذا كلام متضمن لمفاسد كثيرة:
(الأول) أن قدرة الحي على بعض الأشياء دون الميت ثابت بالكتاب والسنة.
أما الكتاب، فمنه ما قال الله تعالى في سورة البقرة: ﴿لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ . ومنه ما قال فيها أيضًا: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ . ومنها ما قال فيها أيضًا: ﴿وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ . ومنها ما قال في سورة المائدة: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ . ومنه ما قال في سورة الأنعام والأعراف والمؤمنون: ﴿لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ . ومنه ما قال في سورة الأنفال: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ . ومنه ما قال في سورة هود: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ﴾ . ومنه ما قال في سورة النحل: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ . ومنه ما قال في سورة حم السجدة: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ . ومنه ما قال في سورة المجادلة: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ . ومنها ما قال في سورة التغابن: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ﴾ . ومنه ما قال في سورة القلم: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ
1 / 239