175

Siyanat Insan

صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان

Publisher

المطبعة السلفية

Edition Number

الثالثة

Publisher Location

ومكتبتها

بأن يأتي إلى قبر بعض الصلحاء قائلًا: يا سيدي فلان إن رُد غائبي أو عوفي مريضي فلك من الذهب أو الفضة أو الشمع أو الزيت كذا، باطل إجماعًا لوجوه -إلى أن قال:- ومنها ظن أن الميت يتصرف في الأمر، واعتقاد هذا كفر، وقال ابن حجر في شرح أربعين له: من دعا غير الله فهو كافر. اهـ. وقال شيخ الإسلام تقي الدين ﵀ في (الرسالة السنية): إن كل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعًا من الإلهية مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني أو انصرني أو ارزقني أو أجبرني، وأنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال، فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب نجا وإلا قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده، لا يجعل معه إله آخر، والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تنزل المطر أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدونهم ويعبدون قبورهم أو صورهم ويقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فبعث رسله تنهى أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة، وقال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا. أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ . الآية. اه قال العلامة ابن القيم: ومن العجب أنهم ينسبون أهل التوحيد إلى التنقص بالمشايخ والأنبياء والصالحين، وما ذنبهم إلا أن قالوا: إنهم عبيد لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وإنهم لا يشفعون لعابديهم أبدًا، بل حرم الله تعالى شفاعتهم لهم، ولا يشفعون لأهل التوحيد إلا بعد إذن الله لهم في الشفاعة، فليس لهم من الأمر شيء، بل الأمر كله لله، والشفاعة كلها لله سبحانه، والولاية له، فليس لخلقه من دونه ولي ولا شفيع. فالمشرك إما أن يظن أن الله سبحانه يحتاج إلى من يدبر أمر العالم معه من وزير أو ظهير أو عوين، وهذا أعظم التنقص لمن هو غني عن كل ما سواه بذاته، وكل ما سواه فقير إليه بذاته، وإما أنه يظن أنه لا يعلم حتى يعلمه الواسطة، ولا يرحم حتى يجعله

1 / 176